Wednesday, July 9, 2008

إنتخاب القادة والمدربين في عمليات الإصلاح

تعتبر أهم مرحلة للإصلاح المجتمعي هو إنتخاب القادة والمدربين الذين سوف يقومون بهذه المهمة على القاعدة العريضة من المجتمع لجعل هذه المهمة ككتلة واحدة تنجز عملا شاقا في وقت قياسي، ولكن من أين يتم هذا الإنتخاب؟ هل يتم من مجتمع آخر؟ هل يتم معتمدا على معايير ثابتة لخدمة هذه القضية، بإختيار أهل الخبرة وسابق المعرفة؟ ومن يقوم بعملية الإختيار: هل له سابق معرفة بهذه المهمة؟ هل يقوم بهذه المهمة مجردا من كل هوى؟. أسئلة كثيرة ومحيرة تتبادر لذهني كلما نظرت في إجتماع أو إجتماع منبثق من آخر، في جميع هيئات المجتمع بل في جميع مصالحه خاصة الحكومية منها.. وربما تراءت هذه المسائل لي أيضا في كل دورات تنظم حاليا حتى ولو كان ظاهرها حميدا كرفع جودة الأداء أو تنمية الموارد البشرية.

ليس من السهل اليسير على رب الأسرة أن يقوم بإعادة صياغة بعض عادات شريكه، ولكن قد يأخذ ذلك وقتا طويلا معتمدا ذلك على نوعية هذه العادة، ومدة ممارسته لها، ومدى إرتباطه الوجداني والثقافي بها، وبالرغم من ذلك فنجاح عملية التغيير هذه غالبا ما تكون نابعة من قدر الإنسجام بين الشريكين. أما تشكيل شخصية الأبناء فهو الشئ المحصلي الذي يكون نتيجة لأوامر ونواهي يفرضها البيت والشارع والمدرسة على هذا الناشئ الصغير. فإذا أراد الأب أن يوكل عملية الإعداد والتربية لآخر، فلابد أن يكون أولا نموذجا للأخلاقيات المبتغاة ليختار من هو أكثر الأبناء أو الأقارب الملم إلماما تطبيقيا بهذه الأخلاقيات، فيرشح من هو أهل لها، مع ضرورة متابعة هذه العملية ولو من وقت لآخر، وأيضا إعطاء الثقة والدوافع الإيجابية للمدرب والمتدربين – على الأقل - يوميا، بل وربما لحظيا. أما أن يكون هذا المربي صورة خاوية لا تعلم من هذه الأخلاقيات سوى الإسم، أو يكون بضاعته الكلام والشعارات الرنانة، أو لا يرى من ذويه إلا من هو قريب منه، أو يقيس هذه الأخلاقيات بمعايير أسيرة الهوى والمعرفة الشخصية دون الإستناد للثوابت الراسخة!!! فهنا يكمن الخطر.

ولنا من محكم التنزيل الهدي والرشاد: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ – البقرة (44)، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا – الأحزاب (21)، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ – آل عمران (159)، وفي التراث يقولون (فاقد الشئ لا يعطيه).

وبهذا النموذج كان لابد لكل فرد واعي - لا سيما من النخبة المثقفة – أن يشغل نفسه جيدا بالإصلاح الذاتي لنفسه، ويعرضها دائما على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويحرص تمام الحرص على التعاطي لهذا الإصلاح بصورة تطبيقية، بل ويتبناها وجدانيا كما ولو كانت شعيرة تعبدية يبغى بها وجه الله تعالى آملا رضاه والفوز برضوانه.. اللهم آمين. هذا الفرد الصالح يشكل الدعامة الأساسية للمجتمع الصالح، فلو وكل لهذا الفرد الصالح إختيار القادة لاختار بمعايير صادقة، واختار من هم أهل الخبرة لا أهل الثقة، لأنه خبر الخبرة وعلمها، وعلم أن الظن لا يغني من الحق شيئا، بل وعلم أولا أن إتباع الهوى يضل عن الحق وعن سبيل الله، فهو يختار على هذا الأساس، ولا يحابي قريبا، ولا يهاب بعيدا، ولا يخاف في الله لومة لائم. ولعل أصدق خلق الله رسولنا الكريم ص عندما قال (ابدأ بنفسك ومن تعول)، قد وضع أقوى دعامة على وجه الخليقة لإرساء الإصلاح في أوضع المجتمعات.. ورضي الله عن صاحب المقولة الخالدة (ابدأ بنفسك ثم ادع غيرك). وقد أدى رسولنا العظيم الأمانة كاملة ونصح للأمة ونقل العرب من مذبلة التاريخ وأهلهم لقيادة العالم عن جدارة وإقتدار، بعد أن كانوا حثالة أصبحوا نماذج إنسانية مشرفة لكل من له قلب واع، أو ألقى السمع وهو شهيد، لا أقول أن هذا التحول شمل القادة فقط.. بل شمل كل المجتمع حكاما ومحكومين، فمنهم ولي عليهم، وكما تكونوا يولى عليكم.

عباد الله.. اتقوا الله وقولوا قولا سديدا،
واعملوا ما تقولوا، وإذا علمتم ثم عملتم فهنالك فقط قولوا للناس حسنا (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ – الصف (3)، ولا تنسوا أن تكتبوا ما تقولوا وتقولوا ما كتبتم، وأصلحوا ذات بينكم، وإياكم من ضياع الوقت فيما لا يفيد، أو التمسح في المناصب والكراسي التي لا تفيد، واعلموا أن الله هو الضار والنافع.. ولنا في حديث رسول الله خير الهدي (يا بني احفظ الله يحفظك.... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن تنفعك.... أو تضرك.... الحديث).

هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وما كان فيها من خطأ أو نسيان فمني والشيطان....
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الخاتم وعلى آله الطيبين الغر الميامين، وصحبه وسلم تسليما كثيرا....

No comments: