Friday, January 15, 2010

لا تحزن للشيخ عائض القرني

يــا الله
{ يسأله من في السموات والارض كل يوم هو في شأن } : إذا اضطرب البحر وهاج الموج وهبت الريح العاصف، نادى أصحاب السفينة: يا الله.
إذا ضل الحادي في الصحراء ومال الركب عن الطريق وحارت القافلة في السير، نادوا: يا الله.
إذا وقعت المصيبة وحلت النكبة وجثمت الكارثة، نادى المصاب المنكوب: يا الله.
إذا أوصدت الأبواب أمام الطلاب، وأسدلت الستور في وجوه السائلين، صاحوا : يا الله.
إذا بارت الحيل وضاقت السبل وانتهت الامال وتقطعت الحبال، نادوا : يا الله.
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت وضاقت عليك نفسك بما حملت، فاهتفت: يا الله.
إليه يصعد الكلم الطيب، والدعاء الخالص، والهاتف الصادق، والدمع البريء، والتفجع الواله.
إليه تمد الأكف في الأسحار، والأيادي في الحاجات، والأعين في الملقات، والأسئلة في الحوادث.
باسمه تشدو الألسن وتستغيث وتلهج وتنادي، وبذكره تطمئن القلوب وتسكن الأرواح، وتهدأ المشاعر وتبرد الأعصاب، ويثوب الرشد، ويستقر اليقين، {الله لطيف بعباده}
الله:
أحسن الأسماء وأجمل الحروف، وأصدق العبارات وأثمن الكلمات، {هل تعلم له سميا}
الله:
فإذا الغنى والبقاء، والقوة والنصرة، والعز والقدرة والحكمة {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}
ا لله :
فإذا اللطف والعناية ، والغوث والمدد ، والود والإحسان ، { ومابكم من نعمة فمن لله }
الله:
الجلال والعظمة، والهيبة والجبروت.
اللهم فاجعل مكان اللوعة سلوة، وجزاء الحزن سرورا، وعند الخوف أمنا.
اللهم أبرد لاعج القلب بثلج اليقين، وأطفىء جمر الأرواح بماء الإيمان.
يا رب، ألق على العيون الساهرة نعاسة امنة منك، وعلى النفوس المضطربة سكينة، وأثبها فتحا قريبا.
يا رب اهد حيارى البصائر إلى نورك، وضلال المناهج إلى صراطك، والزائغين عن السبيل إلى هداك.
اللهم أزل الوساوس بفجر صادق من النور، وأزهق باطل الضمائر بفيلق من الحق، ورد كيد الشيطان بمدد من جنود عونك مسومين. اللهم أذهب عنا الحزن، وأزل عنا الهم، واطرد من نفوسنا القلق.
نعوذ بك من الخوف إلا منك، والركون إلا إليك، والتوكل إلا عليك، والسؤال إلا منك، والاستعانة إلا بك، أنت ولينا، نعم المولى ونعم النصير.
فكر واشكر
المعنى أن تذكر نعم الله عليك فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك {وان تعدوا نعم الله لا تحصوها} صحة في بدن، أمن في وطن، غذاء وكساء، وهواء وماء، لديك الدنيا وأنت ما تشعر، تملك الحياة وأنت لا تعلم {واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } عندك عينان، ولسان وشففان، ويدان ورجلان {فبأي الاء ربكما تكذبان} هل هي مسئلة سهلة أن تمشي على قدميك، وقد بترت أقدام؟! وأن تعتمد على ساقيك، وقد قطعت سوق؟! أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير؟! وأن تملأ معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الطعام، ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام؟! تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم، وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى، وانظرإلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام، والمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول.
أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهبا؟! أتحب بيع سمعك وزن ثهلان فضة؟! هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكم؟! هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع؟! إنك في نعم عميمة وأفضال جسيمة، ولكنك لا تدري، تعيش مهموما مغموما حزينا كئيب! وعندك الخبز الدافىء، والماء البارد، والنوم الهانىء، والعافية الوارفة، تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجود، تنزعج من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة، ومن اطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء، فكر واشكر { وفي انفسكم افلا تبصرون} فكر في نفسك، وأهلك، وبيتك، وعملك، وعافيتك، وأصدقائك، والدنيا من حولك {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها}
ما مضى فات
تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاره، والحزن لمافيه حمق وجنون، وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. ان ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى، يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا، ويوصد عليه فلا يرى النور، لأنه مضى وانتهى، لا الحزن يعيده، لا الهم يصلحه، لا الغم يصححه، لا الكدر يحييه، لأنه عدم، لا تعش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت، أنقذ نفسك من شبح الماضي، أتريد أن ترد النهر إلى مصبه، والشمس إلى مطلعها، والطفل إلى بطن أمه، واللبن إلى الثدي، والدمعة إلى العين، إن تفاعلك مع الماضي، وقلقك منه واحتراقك بناره، وانطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع.
القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر، وتمزيق للجهد، ونسف للساعة الراهنة، ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال: {تلك امة قد خلت} انتهى الأمر وقضي، ولا طائل من تشريح جثة الزمان، وإعادة عجلة التاريخ.
إن الذي يعود للماضي، كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلا، وكالذي ينشر نشارة الخشب. وقديما قالوا لمن يبكي على الماضي: لا تخرج الأموات من قبورهم، وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار لم لا تجتر؟ قال: أكره الكذب.
إن بلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا، نهمل قصورنا الجميلة، ونندب الأطلال البالية، ولئن اجتمعت الإنس والجن على إعادة ما مضى لما استطاعوا لأن هذا هو المحال بعينه.
إن الناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف، لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام والقافلة تسير إلى الأمام، فلا تخالف سنة الحياة.
يومك يومك
إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، اليوم فحسب ستعيش، فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره، ولا الغد الذي لم يات إلى الان. اليوم الذي أظلتك شمسه، وأدركك نهاره هو يومك فحسب، عمرك يوم واحد، فاجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنك ولدت فيه وتموت فيه حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه، وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب، لليوم فقط اصرف تركيزك واهتمامك وإبداعك وكدك وجدك، فلهذا اليوم لابد أن تقدم صلاة خاشعة وتلاوة بتدبر واطلاعا بتأمل، وذكرا بحضور، واتزانا في الأمور، وحسنا في خلق، ورضا بالمقسوم، واهتماما بالمظهر، واعتناء بالجسم، ونفعا للاخرين.
لليوم هذا الذي أنت فيه فتقسم ساعاته وتجعل من دقائقه سنوات، ومن ثوانيه شهور، تزرع فيه الخير، تسدي فيه الجميل، تستغفر فيه من الذنب، تذكر فيه الرب، تتهيا للرحيل، تعيش هذا اليوم فرحا وسرورا، وأمنا وسكينة، ترضى فيه برزقك، بزوجتك، بأطفالك بوظيفتك، ببيتك، بعلمك، بمستواك {فخذ ما اتيتك وكن من الشاكرين} تعيش هذا اليوم بلا حزن ولا انزعاج، ولا سخط ولا حقد، ولا حسد. إن عليك أن تكتب على لوح قلبك عبارة واحدة تجعلها أيضا على مكتبك تقول العبارة: (يومك يومك). إذا أكلت خبزا حارا شهيا هذا اليوم فهل يضرك خبز الأمس الجاف الرديء، أو خبز غد الغائب المنتظر.
إذا شربت ماء عذبا زلالا هذا اليوم، فلماذا تحزن من ماء أمس الملح الأجاج، أو تهتم لماء غدا الاسن الحار.
إنك لو صدقت مع نفسك بإرادة فولاذية صارمة عارمة لأخضعتها لنظرية: لن أعيش إلى هذا اليوم. حينها تستغل كل لحظة في هذا اليوم في بناء كيانك وتنمية مواهبك، وتزكية عملك، فتقول: لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق هجرا أو فحشا، أو سبا، أو غيبة، لليوم فقط سوف أرتب بيتي ومكتبتي، فلا ارتباك ولا بعثرة، وإنما نظام ورتابة. لليوم فقط سوف أعيش فأعتني بنظافة جسمي، وتحسين مظهري والاهتمام بهندامي، والاتزان في مشيتي وكلامي وحركاتي.
لليوم فقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي، وتأدية صلاتي على أكمل وجه، والتزود بالنوافل، وتعاهد مصحفي، والنظر في كتبي، وحفظ فائدة، ومطالعة كتاب نافع.
لليوم فقط سأعيش فأغرس في قلبي الفضيلة وأجتث منه شجرة الشر بغصونها الشائكة من كبر وعجب ورياء وحسد وحقد وغل وسوء ظن لليوم فقط سوف أعيش فأنفع الاخرين، وأسدي الجميل إلى الغير، أعود مريضا، أشيع جنازة، أدل حيران، أطعم جائعا، أفرج عن مكروب، أقف مع مظلوم، أشفع لضعيف، أواسي منكوبا، اكرم عالما، أرحم صغيرا، أجل كبيرا.
لليوم فقط سأعيش فيا ماض ذهب وانتهى اغرب كشمسك، فلن أبكي عليك ولن تراني أقف لأتذكرك لحظة، لأنك تركتنا وهجرتنا وارتحلت عنا ولن تعود إلينا أبد الابدين.
ويا مستقبل أنت في عالم الغيب فلن أتعامل مع الأحلام، ولن أبيع نفسي مع الأوهام ولن أتعجل ميلاد مفقود، لأن غدا لا شيء لأنه لم يخلق ولأنه لم يكن مذكورا.
يومك يومك أيها الإنسان أروع كلمة في قاموس السعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها وأجمل حللها.
اترك المستقبل حتى يأتي
{اتى امر الله فلا تستعجلوه} لا تستبق الأحداث، أتريد إجهاض الحمل قبل تمامه، وقطف الثمرة قبل النضج، إن غدا مفقود لا حقيقة له، ليس له وجود، ولاطعم، ولا لون، فلماذا نشغل أنفسنا به، ونتوجس من مصائبه، ونهتم لحوادثه، نتوقع كوارثه، ولا ندري هل يحال بيننا وبينه، أو نلقاه، فإذا هو سرور وحبور، المهم أنه في عالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد، إن علينا أن لا نعبر جسراحتى نأتيه، ومن يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر، أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا، وربما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلام.
إن إعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعا، لأنه طول أمل، ومذموم عقلاً، لأنه مصارعة للظل. إن كثيرا من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع العري والمرض والفقر والمصائب، وهذا كله من مقررات مدارس الشيطان {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا} كثير هم الذين يبكون، لأنهم سوف يجوعون غدا، وسوف يمرضون بعد سنة، وسوف ينتهي العالم بعد مائة عام. إن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم، والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له.
اترك غدا حتى يأتيك، لا تسأل عن أخباره، لا تنتظر زحوفه، لأنك مشغول باليوم.
وان تعجب فعجب هؤلاء يقترضون الهم نقدا ليقضوه نسيئة في يوم لم تشرق شمسه ولم ير النور، فحذار من طول الأمل.
كيف تواجه النقد الآثم
الرقعاء السخفاء سبوا الخالق الرازق جل في علاه، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلا هو، فماذا أتوقع أنا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ، إنك سوف تواجه في حياتك حربا! ضروسا لا هوادة فيها من النقد الآثم المر، ومن التحطيم المدروس المقصود، ومن الإهانة المتعمدة مادام أنك تعطي وتبني وتؤثر وتسطع وتلمع، ولن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتفر من هؤلاء، أما وأنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك ويبكي عينك، ويدمي مقلتك، ويقض مضجعك.
إن الجالس على الأرض لا يسقط، والناس لا يرفسون كلبا ميتا، لكنهم يغضبون عليك لأنك فقتهم صلاحا، أو علما، أو أدبا، أو مالاً، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونعم الله عليك، وتنخلع من كل صفات الحمد، وتنسلخ من كل معاني النبل، وتبقى بليدا غبيا صفرا محطما، مكدودا، هذا ما يريدون بالضبط.
اذا فاصمد لكلام هؤلاء ونقدهم وتشويههم وتحقيرهم "أثبت أحد" وكن كالصخرة الصامتة المهيبة تتكسر عليها حبات البرد لتثبت وجودها وقدرتها على البقاء. إنك إن أصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك وتكدير عمرك، إلا فاصفح الصفح الجميل، ألا فأعرض عنهم ولا تك في ضيق مما يمكرون. إن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك، وبقدر وزنك يكون النقد الآثم المفتعل.
إنك لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاء ولن تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم وتجنيهم بتجافيك لهم، وإهمالك لشأنهم، وإطراحك لأقوالهم!. {قل موتوا بغيظكم} بل تستطيع أن تصب في أفواههم الخردل بزيادة فضائلك وتربية محاسنك وتقويم إعوجاجك.
إن كنت تريد أن تكون مقبولاً عند الجميع، محبوبا لدى الكل، سليما من العيوب عند العالم، فقد طلبت مستحيلأ وأملت أملاً بعيداً.
لا تنتظر شكرا من احد
خلق الله العباد ليذكروه ورزق الله الخليقة ليشكروه، فعبد الكثير غيره، وشكر الغالب سواه، لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك، وأحرقوا إحسانك، ونسوا معروفك، بل ربما ناصبوك العداء، ورموك بمنجنيق الحقد الدفين، لا لشيء إلا لأنك أحسنت إليهم {وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله} وطالع سجل العالم المشهود، فإذا في فصوله قصة أب ربى ابنه وغذاه وكساه وأطعمه وسقاه، وأدبه، وعلمه، سهر لينام، وجاع ليشبع، وتعب ليرتاح، فلما طر شارب هذا الابن وقوي ساعده، أصبح لوالده كالكلب العقور، استخفافا، ازدراء، مقتا، عقوقا صارخا، عذابا وبيلا.
ألا فليهدأ الذين احترقت أوراق جميلهم عند منكوسي الفطر، ومحطمي الإرادات، وليهنأوا بعوض المثوبة عند من لا تنفذ خزائنه.
إن هذا الخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل، وعدم الإحسان للغير، وإنما يوطنك على انتظار الجحود، والتنكر لهذا الجميل والإحسان، فلا تبتئس بما كانوا يصنعون.
اعمل الخير لوجه الله، لأنك الفائز على كل حال، ثم لا يضر غمط من غمطه، ولا جحود من جحده، واحمد الله لأنك المحسن، وهو المسيء واليد العليا خير من اليد السفلى {انما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكورا} وقد ذهل كثير من العقلاء من جبلة الجحود عند الغوغاء، وكأنهم ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على الصنف عتؤه وتمرده {مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} لا تفاجأ إذا أهديت بليدا قلما فكتب به هجاءك، أو منحت جافيا عصا يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه، فشج بها رأسك، هذا هو الأصل عند هذه البشرية المحنطة في كفن الجحود مع باريها جل في علاه، فكيف بها معي ومعك.
الإحسان إلى الغير إنشراح للصدر
الجميل كاسمه، والمعروف كرسمه، والخير كطعمه. أول المستفيدين من إسعاد الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد، يجنون ثمرته عاجلا في نفوسهم، وأخلاقهم، وضمائرهم، فيجدون الانشراح والانبساط، والهدوء والسكينة.
فإذا طاف بك طائف من هم أو ألم بك غم فامنح غيرك معروفا واسد له جميلا تجد الفرج والراحة. اعط محروما، انصر مظلوما، أنقذ مكروبا، أطعم جائعا، عد مريضا، أعن منكوبا، تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك.
إن فعل الخير كالمسك ينفع حامله وبائعه ومشتريه، وعوائد الخير النفسية عقاقير مباركة تصرف في صيدلية الذي عمرت قلوبهم بالبر والإحسان.
إن توزيع البسمات المشرقة على فقراء الأخلاق صدقة جارية في عالم القيم (ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) وإن عبوس الوجه إعلان حرب ضروس على الآخرين لا يعلم قيامها إلا علام الغيوب.
شربة ماء من كف بغي لكلب عقور أثمرت دخول جنة عرضها السموات والأرض لأن صاحب الثواب غفور شكور جميل، يحب الجميل، غني حميد.
يا من تهددهم كوابيس الشقاء والفزع والخوف هلموا إلى بستان المعروف وتشاغلوا بالغير، عطاء وضيافة ومواساة وإعانة وخدمة وستجدون السعادة طعما ولونا وذوقا {وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى}.
أطرد الفراغ بالعمل
الفارغون في الحياة هم أهل الأراجيف والشائعات لأن أذهانهم موزعة {رضوا بأن يكونوا مع الخوالف} إن أخطر حالات الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل فيبقى كالسيارة المسرعة في انحدار بلا سائق تجنح ذات اليمين وذات الشمال.
يوم تجد في حياتك فراعا فتهيأ حينها للهم والغم والفزع، لأن هذا الفراغ يسحب لك كل ملفات الماضي والحاضر والمستقبل من أدراج الحياة فيجعلك في أمر مريج، ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمال مثمرة بدلا من هذا الاسترخاء القاتل لأنه وأد خفي، وانتحار بكبسول مسكن.
إن الفراغ أشبه بالتعذيب البطيء الذي يمارس في سجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة، وفي فترات انتظار هذه القطرات يصاب السجين بالجنون.
الراحة غفلة، والفراغ لص محترف، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية.
اذا قم الآن صل أو اقرأ، أو سبح، أو طالع، أو اكتب، أو رتب مكتبك، أو أصلح بيتك، أو انفع غيرك حتى تقضي على الفراغ وإني لك من الناصحين.
اذبح الفراغ بسكين العمل، ويضمن لك أطباء العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراء الطارىء فحسب، انظر إلى الفلاحين والخبازين والبناءين يغردون بالأناشيد كالعصافير في سعادة وراحة وأنت على فراشك تمسح دموعك وتضطرب لأنك ملدوغ.
لا تكن إمعة
لاتتقمص شخصية غيرك ولاتذب في الآخرين. إن هذا هو العذاب الدائم، وكثير هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتهم وحركاتهم، وكلامهم، ومواهبهم، وظروفهم، لينصهروا في شخصيات الآخرين، فإذا التكلف والصلف، والاحتراق، والإعدام للكيان وللذات.
من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنان في صورة واحدة، فلماذا يتفقون في المواهب والأخلاق.
أنت شيء أخر لم يسبق لك في التاريخ مثال ولن يأتي مثلك في الدنيا شبيه.
أنت مختلف تماما عن زيد وعمرو فلا تحشر نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان.
انطلق على هيئتك وسجيتك {قد علم كل أناس مشربهم}، {ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات} عش كما خلقت لا تغير صوتك، لاتبدل نبرتك، لاتخالف مشيتك، هذب نفسك بالوحي، ولكن لا تلغي وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا، لأنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا ("لا يكن أحدكم إمعة").
إن الناس في طبائعهم أشبه بعالم الأشجار: حلو وحامض، وطويل وقصير، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموز فلا تتحول إلى سفرجل، لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً، إن اختلاف ألواننا وألسنتنا ومواهبنا وقدراتنا آية من آيات الباري فلا تجحد آياته.
قضاء وقدر
{ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها}، جف القلم، رفعت الصحف، قضي الأمر، كتبت المقادير، {لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}، ما أصابك لم يكن ليخطأك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية، والمحنة منحة، وكل الوقائع جوائز وأوسمة ("ومن يرد الله به خيراً يصب منه)" فلا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن، أو خسارة مالية، أو احتراق بيت، فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل، والاختيار هكذا، والخيرة لله، والأجر حصل، والذنب كفر.
هنيئاً لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الأخذ، المعطي، القابض، الباسط، {لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون}
ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك، وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر، جف القلم بما أنت مولاه فلا تذهب نفسك حسرات، لا تظن أنه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار، وحبس الماء أن ينسكب، ومنع الريح أن تهب، وحفظ الزجاج أن ينكسر، هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك، وسوف يقع المقدور، وينفذ القضاء، ويحل المتكوب {فعسى الله أن يأتى بالفتح أو أمر من عنده}.
استسلم للقدر قبل أن تطوق بجيش السخط والتذمر والعويل، اعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم، اذا فليهدا بالك إذا فعلت الأسباب، وبذلت الحيل، ثم وقع ما كنت تحذر، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع، ولا تقل ("لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل "). {ان مع العسر يسرا}
يا إنسان بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ ري، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب، ويهتدي الضال، ويفك العاني، وينقشع الظلام {فعسى الله أن يأتى بالفتح أو أمر من عنده} بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال، ومسارب الأودية، بشر المهموم بفرج مفاجىء يصل في سرعة الضوء، ولمح البصر، بشر المنكوب بلطف خفي وكف حانية وادعة.
إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد، فاعلم أن وراءها رياضا خضراء وارفة الظلال. إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد، فاعلم أنه سوف ينقطع.
مع الدمعة بسمة، ومع الخوف أمن، ومع الفزع سكينة، النار لا تحرق إبراهيم التوحيد، لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة {بردا وسلما} البحر لا يغرق كليم الرحمن، لأن الصوت القوي الصادق نطق بـ {كلا إن معي ربي سيهدين} المعصوم في الغار بشر صاحبه بأنه وحده معنا فنزل الأمن والفتح والسكينة.
إن عبيد ساعاتهم الراهنة وأرقاء ظروفهم القاتمة لا يرون إلا النكد والضيق والتعاسة، لأنهم لا ينظرون إلأ إلى جدار الغرفة وباب الدار فحسب. ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار.
اذا فلا تضق ذرعاً فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة انتظار الفرج، الأيام دول، والدهر قلب، والليالي حبالى، والغيب مستور، والحكيم كل يوم هو في شأن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ، وإن مع العسر يسراً.
اصنع من الليمون شرابا حلوا
الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح، والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين.‍‍‍ ‍
طرد الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة فأقام في المدينة، دولة ملأت سمع التاريخ وبصره.
سجن أحمد بن حنبل وجلد، فصار إمام السنة، وحبس ابن تيمية فأخرج من حبسه علما جما، ووضع السرخسي في قعر بئر معطلة فأخرج عشرين مجلدا في الفقه، وأقعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول والنهاية من أشهر وأنفع كتب الحديث، ونفي ابن الجوزي من بغداد، فجود القراءات السبع، وأصابت حمى الموت مالك بن الريب فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية، ومات أبناء أبي ذوئيب الهذلي فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر، وذهل منها الجمهور، وصفق لها التاريخ.
إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سكر، وإذا أهدى لك ثعبانا فخذ جلده الثمين واترك باقيه، وإذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واقي ومناعة حصينة ضد سم الحيات. تكيف في ظرفك القاسي، لتخرج لنا منه زهرا ووردا وياسمينا {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم} سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شاعرين مجيدين متفائلا ومتشائما فأخرجا رأسيهما من نافذة السجن. فأما المتفائل فنظر نظرة في النجوم فضحك. وأما المتشائم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى. انظر إلى الوجه الاخر للمأساة، لأن الشر المحض ليس موجودا بل هناك خير ومكسب وفتح واجر.
{أمن يجيب المضطر إذا دعاه} من الذي يفزع إليه المكروب، ويستغيث به المنكوب وتصمد إليه الكائنات، وتسأله المخلوقات، وتلهج بذكره الألسن وتالهه القلوب إنه الله لا إله الا هو.
وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء والسراء والضراء ونفزع اليه في الملمات ونتوسل اليه في الكربات وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين حينها يأتي مدده ويصل عونه ويسرع فرجه ويحل فتحه {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} فينجي الغريق ويرد الغائب ويعافي المبتلي وينصر المظلوم ويهدي الضال ويشفي المريض ويفرج عن المكروب {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين} ولن أسرد عليك هنا أدعية ازاحة الهم والغم والحزن والكرب، ولكن احيلك إلى كتب السنة لتتعلم شريف الخطاب معه فتناجيه وتناديه وتدعوه وترجوه، فإن وجدته وجدت كل شيء، وان فقدت الإيمان به فقدت كل شيء، إن دعاءك ربك عبادة أخرى، وطاعة عظمى ثانيه فوق حصول المطلوب، وإن عبدا يجيد فن الدعاء حري أن لايهتم ولايغتم ولايقلق كل الحبال تتصرم الا حبله كل الأبواب توصد إلا بابه وهوقريب سميع مجيب، يجيب المضطر إذا دعاه يأمرك وأنت الفقير الضعيف المحتاج، وهو الغني القوي الواحد الماجد- بأن تدعوه {ادعوني أستجب لكم} إذا نزلت بك النوازل، وألمت بك الخطوب فالهج بذكره، واهتف باسمه، واطلب مدده واسأله فتحه ونصره، مرغ الجبين لتقديس اسمه، لتحصل على تاج الحرية، وارغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة، مد يديك، ارفع كفيك، أطلق لسانك، أكثر من طلبه، بالغ في سؤاله، ألح عليه، إلزم بابه، انتظر لطفه، ترقب فتحه، أش باسمه، أحسن ظنك فيه، انقطع إليه، تبتل إليه تبتيلأ حتى تسعد وتفلح.
وليسعك بيتك
العزلة الشرعية السنية: بعدك عن الشر وأهله، والفارغين واللاهين والفوضويين، فيجتمع عليك شملك، ويهدأ بالك، ويرتاح خاطرك، ويجود ذهنك بدرر الحكم، ويسرح طرفك في بستان ا لمعارف.
إن العزلة عن كل ما يشغل عن الخير والطاعة دواء عزيز جربه أطباء القلوب فنجح أيما نجاح، وأنا أدلك عليه، في العزلة عن الشر واللغو وعن الدهماء تلقيح للفكر، وإقامة لناموس الخشية، واحتفال بمولد الإنابة والتذكر، وإنما كان الاجتماع المحمود والاختلاط الممدوح في الصلوات والجمع ومجالس العلم والتعاون على الخير، أما مجالس البطالة والعطالة فحذار حذار، اهرب بجلدك، إبك على خطيئتك، وأمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس، وتهديد خطير لدنيا الأمن والاستقرار في نفسك، لأنك تجالس أساطين الشائعات، وأبطال الأراجيف، وأساتذة التبشير بالفتن والكوارث والمحن، حتى تموت كل يوم سبع مرات قبل أن يصلك الموت {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا} اذا فرجائي الوحيد إقبالك على شأنك والانزواء في غرفتك إلا من قول خير أو فعل خير، حينها تجد قلبك عاد إليك، فسلم وقتك من الضياع، وعمرك من الإهدار، ولسانك من الغيبة، وقلبك من القلق، وأذنك من الخنا ونفسك من سوء الظن، ومن جرب عرف، ومن أركب نفسه مطايا الأوهام، واسترسل مع العوام فقل عليه السلام.
العوض من الله
لا يسلبك الله شيئا إلأ عوضك خيرا منه، إذا صبرت واحتسبت ("من أخذت حبيبتيه فصبرعوضته منهما الجنة") يعني عينيه (من سلبت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسب عوضته من الجن) من فقد ابنه وصبر بنى له بيت الحمد في الخلد، وقس على هذا المنوال فإن هذا مجرد مثال.
فلا تأسف على مصيبة فان الذي قدرها عنده جنة وثواب وعوض وأجر عظيم.
إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوه بهم في الفردوس {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وفي ثوابها وفي خلفها الخير {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} هنيئا للمصابين، بشرى للمنكوبين.
إن عمر الدنيا قصير وكنزها حقير، والآخرة خير وأبقى فمن أصيب هنا كوفيء هناك، ومن تعب هنا ارتاح هناك، اما المتعلقون بالدنيا العاشقون لها الراكنون إليها، فأشد ما على قلوبهم فوت حظوطهم منها وتنغيص راحتهم فيها لأنهم يريدونها وحدها فلذلك تعظم عليهم المصائب وتكبر عندهم النكبات لأنهم ينظرون تحت أقدامهم فلا يرون إلا الدنيا الفانية الزهيدة الرخيصة.
أيها المصا بون ما فات شىء وأنتم الرابحون، فقد بعث لكم برسالة بين أسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار. إن على المصاب الذي ضرب عليه سرادق المصيبة أن ينظر ليرى أن النتيجة {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وضاهره من قبله العذاب}، وما عند الله خير وأبقى وأهنأ وأمرأ وأجل وأعلى.
وقفه
لا تحزن: لأنك جربت الحزن بالأمس فما نفعك شيئا، رسب ابنك فحزنت، فهل نجح؟! مات والدك فحزنت فهل عاد حيا؟! خسرت تجارتك فحزنت، فهل عادت الخسائر أرباحا؟!، لا تحزن: لأنك حزنت من المصيبة فصارت مصائب، وحزنت من الفقر فازددت نكدا، وحزنت من كلام أعدائك فأعنتهم عليك، وحزنت من توقع مكروه فما وقع.
لاتحزن: فإنه لن ينفعك مع الحزن دار واسعة، ولا زوجة حسناء، ولا مال وفير، ولا منصب سام، ولا أولاد نجباء.
لا تحزن: لأن الحزن يريك الماء الزلال علقمة، والوردة حنظلة، والحديقة صحراء قاحلة، والحياة سجنا لا يطاق.
لا تحزن: وأنت عندك عينان وأذنان وشفتان ويدان ورجلان ولسان، وجنان وأمن وأمان وعافية في الأبدان: {فبأى ءالآء ربكما تكذبان}.
لا تحزن: ولك دين تعتقده، وبيت تسكنه، وخبز تأكله، وماء تشربه، وثوب تلبسه، وزوجة تأوي إليها، فلماذا تحزن؟!
نعمة الألم
الألم ليس مذموما دائما ولا مكروه أبدا، فقد يكون خيرا للعبد أن يتألم.
إن الدعاء الحار يأتي مع الألم، والتسبيح الصادق يصاحب الألم، وتألم الطالب زمن التحصيل وحمله لأعباء الطلب يثمر عالما جهبذا، لأنه احترق في البداية فأشرق في النهاية. وتألم الشاعر ومعاناته لما يقول تنتج أدبا مؤثرا خلابا، لأنه انقدح مع الألم من القلب والعصب والدم فهز المشاعر وحرك الأفئدة. ومعاناة الكاتب تخرج نتاجا حيا جذابا يمور بالعبر والصور والذكريات.
إن الطالب الذي عاش حياة الدعة والراحة ولم تلذعه الأزمات، ولم تكوه الملمات، إن هذا الطالب يبقى كسولا مترهلا فاترا.
وإن الشاعر الذي ما عرف الألم ولا ذاق المر ولا تجرع الغصص، تبقى قصائده ركاما من رخيص الحديث، وكتلا من زبد القول، لأن قصائده خرجت من لسانه ولم تخرج من وجدانه، وتلفض بها فهمه ولم يعشها قلبه وجوانحه.
وأسمى من هذه الأمثلة وأرفع: حياة المؤمنين الأولين الذين عاشوا فجر الرسالة ومولد الملة، وبداية البعث، فإنهم أعظم إيمانا، وأبر قلوبا، وأصدق لهجة، وأعمق علما، لأنهم عاشوا الألم والمعاناة: ألم الجوع والفقر والتشريد، والأذى والطرد والإبعاد، وفراق المألوفات، وهجر المرغوبات، وألم الجراح، والقتل والتعذيب، فكانوا بحق الصفوة الصافية، والثقة المجتباة، آيات في الطهر، وأعلاما في النبل، ورموزا في التضحية، {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولانصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين} وفي عالم الدنيا أناس قدموا أروع نتاجهم، لأنهم تألموا،
إذن فلا تجزع من الألم ولا تخف من المعاناة، فربما كانت قوة لك ومتاعا إلى حين، فإنك إن تعش مشبوب الفؤاد محروق الجوى ملذوع النفس، أرق وأصفى من أن تعيش بارد المشاعر فاتر الهمة خامد النفس {ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين}.
إن الوعظ المحترق تصل كلماته إلى شغاف القلوب، وتغوص في أعماق الروح لأنه يعيش الألم والمعاناة {فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا}.
لقد رأيت دواوين لشعراء ولكنها باردة لا حياة فيها ولا روح لأنهم قالوها بلا عناء، ونظموها في رخاء فجاءت قطعا من الثلج وكتلا من الطين.
ورأيت مصنفات في الوعظ لا تهز في السامع شعرة، ولا تحرك في المنصت ذرة، لأنهم يقولونها بلا حرقة ولا لوعة، ولا ألم ولا معاناة، {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم}.
فإذا أردت أن تؤثر بكلامك أو بشعرك، فاحترق به أنت قبل، وتأثر به وذقه وتفاعل معه، وسوف ترى أنك تؤثر في الناس، {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج}.
نعمة المعرفة
{وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما} الجهل موت للضمير وذبح للحياة، ومحق للعمر {إني أعظك أن تكون من الجاهلين}.
والعلم نور البصيرة، وحياة للروح، ووقود للطبع، {أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منه} إن السرور والانشراح يأتي مع العلم، لأن العلم عثور على الغامض، وحصول على الضالة، واكتشاف للمستور، والنفس مولعة بمعرفة الجديد والاطلاع على المستطرف.
أما الجهل فهو ملل وحزن، لأنه حياة لا جديد فيها ولا طريف، و لا مستعذب، أمس كاليوم، واليوم كالغد.
فإن كنت تريد السعادة فاطلب العلم وابحث عن المعرفة وحصل الفوائد، لتذهب عنك الغموم والهموم والأحزان، {وقل ربي زدني علما}، {اقرأ باسم ربك الذى خلق}.(من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين). ولا يفخر أحد بماله أو بجاهه، وهو جاهل صفر من المعرفة، فإن حياته ليست تامة وعمره ليس كاملا: {أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى}.
وما أثلج الصدر ببردها، وما أرحب الخاطر بنزولها، {أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواهم}.
فن السرور
من أعظم النعم سرور القلب، واستقراره وهدوءه، فإن في سروره ثبات الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس، وقالوا. إن السرور فن يدرس، فمن عرف كيف يجلبه ويحصل عليه، ويحظى به استفاد من مباهج الحياة ومسار العيش، والنعم التي من بين يديه ومن خلفه. والأصل الأصيل في طلب السرور قوة الاحتمال، فلا يهتز من الزوابع ولا يتحرك للحوادث، ولا ينزعج للتوافه. وبحسب قوة القلب وصفائه، تشرق النفس.
إن خور الطبيعة وضعف المقاومة وجزع النفس، رواحل للهموم والغموم والأحزان، فمن عود نفسه التصبر والتجلد هانت عليه المزعجات، وخفت عليه الأزمات.
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا *** فأهون ما تمر به الوحول
ومن أعداء السرور ضيق الأفق، وضحالة النظرة، والاهتمام بالنفس فحسب، ونسيان العالم وما فيه، والله قد وصف أعداءه بأنهم (أهمتهم أنفسهم)، فكأن هؤلاء القاصرين يرون الكون في داخلهم، فلا يفكرون في غيرهم، ولا يعيشون لسواهم، ولا يهتمون للآخرين. إن على وعليك أن نتشاغل عن أنفسنا أحيانا، ونبتعد عن ذواتنا أزمانا لننسى جراحنا وغمومنا وأحزاننا، فنكسب أمرين: إسعاد أنفسنا، وإسعاد الآخرين.
من الأصول في فن السرور: أن تلجم تفكيرك وتعصمه، فلا يتفلت ولا يهرب ولا يطيش، فإنك إن تركت تفكيرك وشأنه جمح وطفح، وأعاد عليك ملف الأحزان وقرأ عليك كتاب المآسي منذ ولدتك أمك. إن التفكير إذا شرد أعاد لك الماضي الجريح والمستقبل المخيف، فزلزل أركانك وهز كيانك وأحرق مشاعرك، فاخطمه بخطام التوجه الجاد المركز على العمل المثمر المفيد، {وتوكل على الحى الذي لا يموت}.
ومن الأصول أيضا في دراسة السرور: أن تعطي الحياة قيمتها، وأن تنزلها منزلتها، فهي لهو، ولا تستحق منك إلا الإعراض والصدود، لأنها أم الهجر ومرضعة الفجائع، وجالبة الكوارث، فمن هذه صفتها كيف يهتم بها، ويحزن على ما فات منها. صفوها كدر، وبرقها خلب، ومواعيدها سراب بقيعة، مولودها مفقود، وسيدها محسود، ومنعمها مهدد، وعاشقها مقتول بسيف غدرها.
وفي الحديث: (إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم) وفي فن الآداب: وإنما السرور باصطناعه واجتلاب بسمته، واقتناص أسبابه، وتكلف بوادره، حتى يكون طبعا.
إن الحياة الدنيا لا تستحق منا إعادتها العبوس والتذمر والتبرم.
والحقيقة التي لاريب فيها أنك لا تستطيع أن تنزع من حياتك كل آثار الحزن، لأن الحياة خلقت هكذا {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.
الكتاب في كلمات:
· ما مضى فات، وما ذهب مات، فلا تفكر فيما مضى، فقد ذهب وانقضى
· اترك المستقبل حتى يأتي، ولا تهتم بالغد لأنك إذا أصلحت يومك صلح غدك
· عليك بالمشي والرياضة، واجتنب الكسل والخمول، واهجر الفراغ والبطالة
· جدد حياتك، ونوع أساليب معيشتك، وغير من الروتين الذي تعيشه
· اهجر المنبهات والإكثار من الشاي والقهوة، واحذر التدخين
· كرر(لاحول ولا قوة إلا بالله) فإنها تشرح البال، وتصلح الحال، وتحمل بها الأثقال، وترضي ذا الجلال
· أكثر من الإستغفار، فمعه الرزق والفرج والذرية والعلم النافع والتيسير وحط الخطايا
· البلاء يقرب بينك وبين الله ويعلمك الدعاء ويذهب عنك الكبر والعجب والفخر
· لا تجالس البغضاء والثقلاء والحسدة فإنهم حمى الروح، وهم حملة الأحزان
· إياك والذنوب، فإنها مصدر الهموم والأحزان وهي سبب النكبات وباب المصائب والأزمات
· لا تكترث من القول القبيح والكلام السيء الذي يقال فيك فإنه يؤذي قائله ولا يؤذيك
· سب أعدائك لك وشتم حسادك يساوي قيمتك لأنك أصبحت شيئا مذكوراً وشخصاً مهماً
· اعلم أن من إغتابك فقد أهدى لك حسناته وحط من سيئاتك وجعلك مشهوراً، وهذه نعمة
· ابسط وجهك للناس تكسب ودهم، وألن لهم الكلام يحبوك، وتواضع لهم يجلوك
· إبدأ الناس بالسلام وحيهم بالبسمة وأعرهم الإهتمام لتكن محبباً إلى قلوبهم قريباً منهم
· لا تضيع عمرك في التنقل بين التخصصات والوظائف والمهن، فإن معنى هذا أنك لن تنجح في شيء
· كن واسع الأفق والتمس الأعذار لمن أساء إليك لتعش في سكينة وهدوء، وإياك ومحاولة الإنتقام
· لا تفرح أعدائك بغضبك وحزنك فإن هذا ما يريدون، فلا تحقق أمانيهم الغالية في تعكير حياتك
· اهجر العشق والغرام والحب المحرم فإنه عذاب للروح ومرض للقلب، وافزع إلى الله وإلى ذكره وطاعته
· أنت الذي تلون حياتك بنظرك إليها، فحياتك من صنع أفكارك، فلا تضع نظارة سوداء على عينيك
· إذا وقعت في أزمة فتذكر كم أزمة مرت بك ونجاك الله منها، حينها تعلم أن من عافاك في الأولى سيعافيك في الثانية.

Friday, January 1, 2010

كتاب الطفل المنغولي: متلازمة داون - نحو مستقبل مشرق - حقائق وطموحات

سيطرح قريباً بالأسواق المصرية كتاب

كتاب الطفل المنغولي: متلازمة داون - نحو مستقبل مشرق - حقائق وطموحات

تأليف أ.د. محمد الحجار - أستاذ طب الأطفال والوراثة - كلية الطب - جامعة المنصورة

وهو كتاب باللغة العربية، موجه للآباء والأمهات الناطقين باللغة العربية وبأسلوب مبسط. يسير للجميع

نفع الله به

مقدمة الطبعة الأولى:
ظل الطفل المنغولي لعهد طويل غير معروف الهوية أو المستقبل ، وإدعى الكثير من العوام بالإضافة للأطباء غير المختصصين بمتابعة هؤلاء الأطفال ، إدعوا معرفتهم أنه لافائدة من هؤلاء البشر ، مما ترتب عليه النظرة الدونية لهؤلاء الأطفال وعدم حصولهم على فرصتهم الكاملة في التعليم والتدريب وأحيانا الحياة الكريمة في كامل صورتها. ولعل الدافع الأساسي لهذا النوع من التعامل غير السوي هو أنهم بنوا معرفتهم بهذا الصنف من الأطفال على المعلومات القديمة التي تغيرت خلال الخمسين سنة الماضية رأساً على عقب، وكذلك عدم معرفتهم بالإنجازات التي حققها هؤلاء الأطفال - صغاراً وكباراً - في الدول المتقدمة، ويصاب الناس بالدهشة الشديدة عندما نسرد لهم هذه التطورات المسندة بالأدلة العلمية القطعية غير القابلة للشك والمنشورة في كثير من الدوريات العالمية.
ولهذا السبب عزمت على إصدار هذا الكتاب المتواضع – بعد الإستعانة بالله العلي العظيم – ومعتمداً على دعم الأهل والزملاء ، بغرض وضع صورة حديثة لهؤلاء الأطفال يقرأها المنوطون بالتعامل معهم في المنزل والشارع والمدرسة، حتى يتم التعامل مع هؤلاء الأطفال على قدم المساواة مما يرفع من ثقتهم بأنفسهم ويزيد من قدراتهم على التحصيل والتعلم بالأسلوب المناسب لوضع كل طفل على حدة. إن الطفل متلازمة داون (م.د.) طفل يتميز بقصور في بعض الجوانب وقدرات غير محدودة في جوانب أخري مثل باقي الأطفال ، ويمكن تصنيف (م.د.) علمياً على أنه طفل ذو إعاقة تعليمية يتسم بالفهم الذي يتفاوت من طفل لآخر مثل باقي الناس ، أما الإعاقة الحقيقية لديه هي عدم القدرة الكافية على التعبير، فهو بإختصار يفهم أكثر من قدرته على التعبير.. لذلك كان من الضروري التركيز بشئ من الإسهاب في (القسم الأول من الكتاب) على الأسلوب العلمي في التعامل مع هذه الإعاقة التعليمية.
ولأن الشئ بالشئ يذكر.. فلقد تطرقت في (القسم الثاني من الكتاب) على التوحد (الذاتوية) وماتمثله من إعاقة تعليمية للطفل قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تأخر في الإدراك والمهارات إذا لم تحظ بالعلاج المناسب. فالتوحد حالة نفسية تتراوح شدتها من طفل لآخر وتتميز بالقصور في الإنتباه للمحيطين وعدم الإستجابة للمثيرات العادية مما يمنع الطفل من التواصل مع الآخرين ، وبالتالي يحد من القدرة على التعلم بالأساليب العادية وفي الفصول الدراسية المعتادة. وهناك أساليب تربوية متعددة للتعامل مع هؤلاء الأطفال بهدف الإستحواذ على إنتباههم وتعليمهم مهارات التواصل ، وقد يستخدم بعضها في التعامل مع )م.د.( وقد أثبتت الأبحاث فعالية هذه الأساليب في حالات (م.د.) أكثر منها في الطفل الذاتوي (التوحدي).
وحيث أن التربية النفسية الصحيحة المبنية على الأسس العلمية والدينية القويمة هي أساس عمل المربين وهدف كل الآباء والمدربين أفردنا قسما آخراً في هذا الكتاب (القسم الثالث) يتناول بعض الملاحظات التي يجب مراعاتها عند تربية الأبناء وبعض الأساليب التربوية الخاطئة في التعامل مع النشئ ، فإصلاح الجميع بداية من الأطفال والشباب هو الإصلاح الحقيقي للمجتمع ككل والأمة بإذن الله تعالى.
وتشجعيعاً منا على مواصلة الإطلاع المستمر لما ينشر من أبحاث خاصة بالطفل م.د. والموجودة على الشبكة العنكبوتية وفي الدوريات العلمية المختلفة ، أحسسنا بضرورة كتابة المصطلحات العلمية الواردة بالقسم الأول في صورة إصدار لكتاب م.د. باللغة الإنجليزية، وكان هذا هو القسم الأخير لهذا الكتاب (القسم الرابع).
وأخيرا أسأل الله العلي القدير والذي إذا سأل بإسمه الأعظم أجاب، أسأله التوفيق والسداد لكل المتعاملين في مجال الطفولة أملاً في الوصول إلى الهدف المنشود وهو نشأ مسلم صالح واعي بناء معتز بهويته، قوي في بنيته، فصيح في بيانه ، لايخاف في الله لومة لائم. كما أرجو الله تعالى أن يقرأه جميع المربين المتعاملين مع )م.د.( بغرض التغيير للأفضل وبمساعدة كل من يحتاج لمساعدة وبأسلوب علمي سليم دون الإعتماد على المعلومات القديمة المغلوطة أو الخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان. وأتمنى من كل القراء - خاصة الزملاء - التواصل معي لدراسة أي نقد أو تقصير في هذا الإصدار، بهدف بلوغ المرام (فما به من صواب فمن الله، وما به من نقص أو نسيان فمن نفسي والشيطان).. والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

المؤلف
أ.د. محمد الحجار
أستاذ طب الأطفال وأمراض الوراثة

ملخص السيرة الذاتية للمؤلف:
من مواليد المنصورة – 15 مارس 1962 – حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة تقدير جيد جداً (مع مرتبة الشرف) – نوفمبر 1986 – الماجيستير في طب الأطفال تقدير جيد جداً نوفمبر 1991 – حاصل على منحة دراسية للدكتوراه في أمراض الكلي الوراثية بإيطاليا – روما – جامعة تورفرجاتا 1993 – الدكتوراه في طب الأطفال وأمراض الوراثة نوفمبر 1995.

قام بإجتياز العديد من الدورات في الإحصاء البشرية منذ أن كان بإيطاليا – وأكملها من خلال التعليم عن بعد.. وقد قام بإلقاء العديد من المحاضرات عن دور الإحصاء في البحث العلمي بالمملكة العربية السعوية.. قام بتأسيس قسم الإحصاء الطبية في مستشفى الأطفال الجامعي ، وأنجز التحليل الإحصائي للعديد من رسائل الماجيستير والدكتوراه بقسم الأطفال وأقسام أخرى. وقد قام بعمل التحليل الإحصائي لجميع الأبحاث المنشورة والخاصة به بعد حصوله على الدكتوراه.

تدرج في الوظائف الأكاديمية بكلية الطب جامعة المنصورة – مدرس مساعد 1991 – مدرس 1996 – أستاذ مساعد 2001 – أستاذ 2006 ، مدير شئون الأطباء والتدريب بمستشى الأطفال الجامعي 2007 وحتى تاريخه.

 شارك في تدريب أطباء الزمالة المصرية ، والأطباء الإمتياز – كلية طب – جامعة المنصورة – في تنظيم التدريب والمحاضرات التطبيقية، وتطوير السلوكيات البشرية – والمشاركة في الإعداد الجيد للطبيب الحديث من خلال الندوات المنعقدة بالتنسيق مع نقابة أطباء الدقهلية.


قام بنشر أكثر من 30 بحثاً في الدوريات العالمية منها 14 على الأقل على موفع PUBMED.COM

قام بحضور العديد من الدورات العلمية في تطوير المهارات الإنسانية، والتخطيط، وإدارة الوقت وفقة الأولويات، وإتخاذ القرارات وحل المشكلات.. منها ضمن مشروع إعداد المعلم الجامعي وتطوير الأداء الجامعي بجامعة المنصورة – والآخر كدورات حرة بالمملكة العربية السعودية.