Monday, July 21, 2008

كيفية تحصيل التقوى

1. ترك بعض المباحات خوفًا من الوقوع في المكروهات أو المحرمات: روى الترمذي وقال : حديث حسن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس). قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً). وقال الحسن رحمه الله: (ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام). وقال الثوري: (إنما سمّوا متقين لأنهم اتقوا ما لا يُتقى عادة أو ما لا يتقيه أكثر الناس).

فعمليًا: قد يكون وجودك في بعض الأماكن للتنزه أو التسوق مباحًا، لكن تترك فعله أحيانا حذرا من الوقوع في الخطأ. قد يكون لبسك لبعض الملابس مباحًأ، لكن تترك هذا امتثالا للسنة ولتحقيق ثمرة التقوى. فلبس الإسدال والخمار أو العباية والملحفة أو النقاب قد يكون لنيل منزلة التقوى..

2. المراقبة: ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما بعثه إلى اليمن فقال: (يا معاذ اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن).. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حديث (اتقِ الله حيثما كنت): ما أعلم وصية أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها قال تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}. فلابد من أعمال سر خبيئة بينك وبين الله لتنال منزلة التقوى.

3. التزام الدعاء بذلك: والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكّاه أنت وليها ومولاها). والنبي صلى الله عليه وسلم كان يسألها في دعائه فيقول: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)، وفي دعاء السفر يقول: (اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى). فهم لا يقترفون الكبائر ولا يصرون على الصغائر، وإذا وقعوا في ذنب سارعوا إلى التوبة: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.

4. العفو والصفح: قال تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى}. فالمتقون أهل سلامة الصدر، وهم يعفون عن الناس لأنهم يعامون ربًا عفوا يحب العفو فهم ربانيون.

5. تحري الصّدق في الأقوال والأعمال: قال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون}، الذي جاء بالصدق هو محمد صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به قيل هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه. {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}، هذا بيان أن المتقي يصدق، ولا يتلون، ولا يعرف الكذب في القول أو العمل.

6. تعظيم شعائر الله: قال تعالى: { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}. تعظيم الشعائر وهي: الصلاة على أول وقتها ، الصيام صيام جوارح وقلب لا طعام وشراب وشهوة فقط ، وسائر العبادات.. فيرزقهم الله التقوى.

7. العدل والإنصاف: قال تعالى: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم ٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}. فلا يعرفون الظلم، ولا تأخذهم في الله شفاعة شافع أو قرابة قريب، فلا يعرفون إلا العدل في كل شيء، لأنهم يتخلقون بصفة ربهم الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرمًا.

8. رفقة الصالحين أهل الصدق المتقين: قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}. فلابد من صحبة الخير والأخوة الإيمانية ليحقق الإنسان هذه المنزلة ويثبت عليه. فتعالوا بنا نتعاون على البر والتقوى ، قال تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى }. هلموا عباد الله ، فقد دنا الضيف الجليل ، ولم نُعد العُدة التي تليق بحسن ضيافته.

Saturday, July 19, 2008

الدين النصيحة

حديث نبوي شريف رواه مسلم عن تميم بن أوس الداري: الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامّتهم.

يندر الآن أن تكون النصيحة سمة لنا، ولكن الكلام هو سمتنا.
فالدين هو النصيحة.. فأين القائمون بها، والمتقبلون لها؟ من هم الذين ذكرهم الله تعالى في الأعراف (وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ).. إنهم الكفار والعياذ بالله..
لقد تعود الكثير عدم النصيحة وكانت النتيجة عدم القبول بالنصيحة..
ما هي أسباب عدم قبول النصح:
سببان في الناصح وسببان في المنصوح وخامس تفاعلي:
1. سوء أدب الناصح: مثل الصوت العالي أو الألفاظ التي لا تليق، أو النصح في غير مناسبة.
2. إعلان النصيحة: والنتيجة فضيحة المنصوح والواجب الإسرار وهو من أسرار القبول.
3. التكبر ولبس ثياب الغطرسة: إذا كان المنصوح متغطرسا فلا يكتفي بعدم الإستجابة، بل قد يؤذي الناصح باللفظ أو بالفعل ويتهمه بعدم الأدب.
4. المنصب الرفيع: لو كان المنصوح من الرؤساء الذي إعتاد التعظيم وعدم الاعتراض فكيف تطيعه نفسه قبول النصح!!!.
5. اعتقاد نقص الناصح قدراً أو علماً: وهذا من جهل المنصوح لأن الحق يقبل من كل من جاء به فالحق د رّ ة حتى لو حملها من ليس يعرف قيمتها.

Wednesday, July 9, 2008

إنتخاب القادة والمدربين في عمليات الإصلاح

تعتبر أهم مرحلة للإصلاح المجتمعي هو إنتخاب القادة والمدربين الذين سوف يقومون بهذه المهمة على القاعدة العريضة من المجتمع لجعل هذه المهمة ككتلة واحدة تنجز عملا شاقا في وقت قياسي، ولكن من أين يتم هذا الإنتخاب؟ هل يتم من مجتمع آخر؟ هل يتم معتمدا على معايير ثابتة لخدمة هذه القضية، بإختيار أهل الخبرة وسابق المعرفة؟ ومن يقوم بعملية الإختيار: هل له سابق معرفة بهذه المهمة؟ هل يقوم بهذه المهمة مجردا من كل هوى؟. أسئلة كثيرة ومحيرة تتبادر لذهني كلما نظرت في إجتماع أو إجتماع منبثق من آخر، في جميع هيئات المجتمع بل في جميع مصالحه خاصة الحكومية منها.. وربما تراءت هذه المسائل لي أيضا في كل دورات تنظم حاليا حتى ولو كان ظاهرها حميدا كرفع جودة الأداء أو تنمية الموارد البشرية.

ليس من السهل اليسير على رب الأسرة أن يقوم بإعادة صياغة بعض عادات شريكه، ولكن قد يأخذ ذلك وقتا طويلا معتمدا ذلك على نوعية هذه العادة، ومدة ممارسته لها، ومدى إرتباطه الوجداني والثقافي بها، وبالرغم من ذلك فنجاح عملية التغيير هذه غالبا ما تكون نابعة من قدر الإنسجام بين الشريكين. أما تشكيل شخصية الأبناء فهو الشئ المحصلي الذي يكون نتيجة لأوامر ونواهي يفرضها البيت والشارع والمدرسة على هذا الناشئ الصغير. فإذا أراد الأب أن يوكل عملية الإعداد والتربية لآخر، فلابد أن يكون أولا نموذجا للأخلاقيات المبتغاة ليختار من هو أكثر الأبناء أو الأقارب الملم إلماما تطبيقيا بهذه الأخلاقيات، فيرشح من هو أهل لها، مع ضرورة متابعة هذه العملية ولو من وقت لآخر، وأيضا إعطاء الثقة والدوافع الإيجابية للمدرب والمتدربين – على الأقل - يوميا، بل وربما لحظيا. أما أن يكون هذا المربي صورة خاوية لا تعلم من هذه الأخلاقيات سوى الإسم، أو يكون بضاعته الكلام والشعارات الرنانة، أو لا يرى من ذويه إلا من هو قريب منه، أو يقيس هذه الأخلاقيات بمعايير أسيرة الهوى والمعرفة الشخصية دون الإستناد للثوابت الراسخة!!! فهنا يكمن الخطر.

ولنا من محكم التنزيل الهدي والرشاد: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ – البقرة (44)، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا – الأحزاب (21)، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ – آل عمران (159)، وفي التراث يقولون (فاقد الشئ لا يعطيه).

وبهذا النموذج كان لابد لكل فرد واعي - لا سيما من النخبة المثقفة – أن يشغل نفسه جيدا بالإصلاح الذاتي لنفسه، ويعرضها دائما على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويحرص تمام الحرص على التعاطي لهذا الإصلاح بصورة تطبيقية، بل ويتبناها وجدانيا كما ولو كانت شعيرة تعبدية يبغى بها وجه الله تعالى آملا رضاه والفوز برضوانه.. اللهم آمين. هذا الفرد الصالح يشكل الدعامة الأساسية للمجتمع الصالح، فلو وكل لهذا الفرد الصالح إختيار القادة لاختار بمعايير صادقة، واختار من هم أهل الخبرة لا أهل الثقة، لأنه خبر الخبرة وعلمها، وعلم أن الظن لا يغني من الحق شيئا، بل وعلم أولا أن إتباع الهوى يضل عن الحق وعن سبيل الله، فهو يختار على هذا الأساس، ولا يحابي قريبا، ولا يهاب بعيدا، ولا يخاف في الله لومة لائم. ولعل أصدق خلق الله رسولنا الكريم ص عندما قال (ابدأ بنفسك ومن تعول)، قد وضع أقوى دعامة على وجه الخليقة لإرساء الإصلاح في أوضع المجتمعات.. ورضي الله عن صاحب المقولة الخالدة (ابدأ بنفسك ثم ادع غيرك). وقد أدى رسولنا العظيم الأمانة كاملة ونصح للأمة ونقل العرب من مذبلة التاريخ وأهلهم لقيادة العالم عن جدارة وإقتدار، بعد أن كانوا حثالة أصبحوا نماذج إنسانية مشرفة لكل من له قلب واع، أو ألقى السمع وهو شهيد، لا أقول أن هذا التحول شمل القادة فقط.. بل شمل كل المجتمع حكاما ومحكومين، فمنهم ولي عليهم، وكما تكونوا يولى عليكم.

عباد الله.. اتقوا الله وقولوا قولا سديدا،
واعملوا ما تقولوا، وإذا علمتم ثم عملتم فهنالك فقط قولوا للناس حسنا (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ – الصف (3)، ولا تنسوا أن تكتبوا ما تقولوا وتقولوا ما كتبتم، وأصلحوا ذات بينكم، وإياكم من ضياع الوقت فيما لا يفيد، أو التمسح في المناصب والكراسي التي لا تفيد، واعلموا أن الله هو الضار والنافع.. ولنا في حديث رسول الله خير الهدي (يا بني احفظ الله يحفظك.... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن تنفعك.... أو تضرك.... الحديث).

هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وما كان فيها من خطأ أو نسيان فمني والشيطان....
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الخاتم وعلى آله الطيبين الغر الميامين، وصحبه وسلم تسليما كثيرا....

Saturday, July 5, 2008

علو الهمة في الذكر وتلاوة القرآن

الذكر زيّن الله به ألسنة الذاكرين.. كما زيّن بالنور أبصار الناظرين. قال الحسن البصري - رحمه الله- تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وقراءة القرآن. قال ذو النون - رحمه الله - ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنة إلا برؤيته. الذكر يجمع على العبد ما تفرق من همته وعزيمته.. ويفرق ما اجتمع عليه من الهم والغم والذنوب والخطايا.. ويقرّب إليه الآخرة.. فلا يزال المرء يلهج بالذكر حتى كأنه حضرها.
قيل لبعضهم: إذا قرأت القرآن هل تحدّث نفسك بشيء؟ فقال: أو شيء أحب إلي من القرآن حتى أحدّث به نفسي. قيل لذي النون: ما الأنس؟ قال: العلم والقرآن. قال محمد بن واسع: القرآن بستان العارفين فأينما حلّوا منه حلّوا في رياض نضرة. قال بعض العلماء: هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا عز وجل، نتدبرها في الصلوات، ونقف عليها في الخلوات، وننفذّها في الطاعات. كان مالك بن دينار يقول: يا حملة القرآن، إن القرآن ربيع قلب المؤمن، كما أن الغيث ربيع الأرض. قال وهيب بن الورد: رحم الله أقواما كانوا إذا مرّوا بآية فيها ذكر للنار فكأنّ زفيرها في آذانهم.
تلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيها اللسان والعقل والقلب؛ فاللسان يصحّح الحروف، والعقل يفسر المعاني، والقلب يتعظ وينزجر ويتأثر. فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ. قال عثمان بن عفان: لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم. قال ثابت البناني: كابدت القرآن عشرين سنة، وتنعمت به عشرين سنة. قال مالك بن دينار: ما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله. قال أبي المهلب: كان أبيّ بن كعب يختم القرآن في ثمان.
قال ابن مسعود: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون. عن إبراهيم قال: كان الأسود النخعي يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال. قال أبو إسحاق إن أبا عبد الرحمن السلمي كان يُقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة. وقال أبو عبدالرحمن السلمي: أقبلت على زيد بن ثابت فقرأت عليه القرآن ثلاث عشرة سنة.
لله در أهل القرآن: كم أنسُوا بكتاب ربهم، وعلموه غيرهم. قال سلام بن أبي مطيع: كان قتادة بن دعامة يختم القرآن في سبع، فإذا جاء رمضان ختم كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة. قال الأوزاعي: كان حسان بن عطية إذا صلى العصر يذكر الله تعالى في المسجد حتى تغيب الشمس. قال الأعمش: كان يحيى من أحسن الناس قراءة، وكان إذا قرأ لم تحس في المسجد حركة، كأن ليس في المسجد أحد. عن ابن فضيل عن أبيه قال: كان أبو إسحاق السّبيعي يقرأ القرآن في كل ثلاث.
قال الإمام النووي عن محمد بن عبد الله الأودي: متفق على إمامته وورعه وعبادته.. قال لابنته حين بكت عند حضور موته: لا تبكي، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة.
قال حسين الكرابيسي: بتّ مع الشافعي ليلة فكان يصلي نحو ثلث الليل وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله، ولا بآية عذاب إلا تعوّذ، وكأنما جمع له الرجاء والرهبة جميعاً. يقول عبد الله بن أحمد عن أبيه الإمام أحمد بن حنبل: كان يقرأ القرآن كل يوم سبعا، يختم ذلك في كل سبعة أيام. قال الجنيد - رحمه الله - العبادة على العارفين أحسن من التيجان على رؤوس الملوك.
قال زكريا بن دلوية: كان أحمد بن محمد القطان إذا جلس بين يدي الحجام ليحفي شاربه، يسبح، فيقول له الحجام: اسكت ساعة.. فيقول: اعمل أنت عملك.
قال محمد بن يحيى: مرّ أحمد بن حرب بصبيان يلعبون فقال أحدهم: أمسكوا فإن هذا أحمد الذي لا ينام الليل. فقبض على لحيته وقال: الصبيان يهابونك وأنت تنام؟ فأحيا الليل بعد ذلك حتى مات. قال الحافظ عمر البزار عن شيخ الإسلام ابن تيمية: وكان قد عُرفت عادته: لا يكلمه أحد بغير ضرورة بعد صلاة الفجر، فلا يزال في ذكر الله.. هكذا دأبه حتى ترتفع الشمس.
قال فتح الموصلي – رحمه الله- المحبّ لا يجد مع حب الله للدنيا لذة، ولا يفتر عن ذكر الله طرفة عين.
إذا نسي الناس العهود وأغفلوا.. فعهدك في قلبي وذكرك في فمي
عالي الهمة.. ينظر إلى عظم أجر الذكر فيداوم عليه. من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا، فليستوطن مجالس الذكر، فإنها رياض الجنة.. ليس العجب من قوله ( فاذكروني) إنما العجب من قوله أذكركم، (فاذكروني) بالتذلل (أذكركم) بالتفضّل، (فاذكروني) بالرهبة (أذكركم) بتحقيق الرغبة، (فاذكروني) بالتعظبم (أذكركم) بالتكريم، (فاذكروني) بترك الأخطاء (أذكركم) بأنواع العطاء.. فيا نجيب القلب أسرع إلى نيل الدرجات.

مخطوطة ربانية

مخطوطة ربانية
دعوة لحياة مثالية بعد سن الأربعين لمن أراد الفوز بالجنة من المسلمين
الراجي عفو مولاه، العبد الفقير
محمد بن محمد صالح الحجار
أستاذ طب الأطفال وأمراض الوراثة، كلية الطب، جامعة المنصورة
المراسلة: أ.د. محمد الحجار - أستاذ طب الأطفال وأمراض الوراثة، كلية الطب، جامعة المنصورة – أرضي 0502211948 – 0502310661- محمول 0020111715350
m.alhaggar@yahoo.co.uk
الملخص:
الهدف: شرح شامل لكيفية التخطيط لحياة يومية إسلامية خاصة للشباب الذين ناهزوا أو إقتربوا من سن إكتمال الرجولة (الأربعين)، أملا في الفوز بالجنة والنجاة من النار.
الأدوات: تتلخص الأدوات في الكتاب والسنة عن طريق: 1. إخضاع القلب يوميا لذكر الله بتلاوة آياته’ وتدبر معانيها، وتطبيق أحكامها. 2. التعايش اللحظي مع سيرة أفضل الخلق من خلال دراسة حياته وسننه وأوامره ونواهيه مستنديين إلى صحاح الأحاديث وزاد المعاد في هدي خير العباد.
خاتمة: الإحساس التام بالرضا عن النفس التي أدبت لتعيش على الفطرة التي من أجلها خلق الله العباد (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون).

المقدمة:
إذا أراد الإنسان النجاح لأي مشروع ينوي تنفيذه فلابد أولا أن يحدد له الأهداف، وتحقيق هذه الأهداف تعتمد على الخطة الموضوعة من نقطة بداية معينة تمثل حالة الفرد عند بداية التخطيط. ثم يقوم الإنسان وبصورة منتظمة بتقييم ما تحقق أثناء سير الخطة، وإعادة جدولة المتبقي حسب الجدول الزمني الموضوع. فالمشروع المقدم في هذه المخطوطة عبارة عن برمجة حياة المسلم الذي ناهز أو إقترب من سن الأربعين في صورة جدول يومي أو لحظي ليحيا الحياة التي من أجلها خلق الله الكون، وهي عبادته سبحانه وتعالى، والتسبيح بحمده، وعمارة الأرض، ونقل العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. ونتيجة ذلك في الدنيا هي الرضا والسعادة، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ - النحل (97)، أما في الآخرة فإن النتيجة هي الفوز بالجنة والنجاة من النار.
الأدوات والطريقة:

كل إبن آدم خلق على الفطرة التي فطر الله الناس عليها وهي الفطرة السليمة التي تتسم بالإعتدال في السلوك وفي العادات والمعاملات، بل وحتى بعلاقة الإنسان بنفسه وبخالقه.. ومكمن هذه الفطرة هو القلب.. فحسب المناخ الذي ينشأ في الإنسان والثقافات التي يترعرع فيها تحدث التغيرات في هذه الفطرة، وبالتالي يكون التباين في السلوك والعادات والمعاملات.. ما نريده نحن المسلمون هو أن نعود بهذه الفطرة إلى محاجتها البيضاء كما وصفها الله جل وعلا في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وصفها الله سبحانه وتعالى إجمالا وتفصيلا في أكثر من مكان.. لذلك فإن أهم وسيلة تعيننا على تحقيق ذلك هو الإستعانة بكتاب الله (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ – الزمر (23).
ما نريد التأكيد عليه هو الإستعانة بالقرآن العظيم فهما واعيا، وتنفيدا لما جاء به، وتطبيقا لأوامره، وتعظيما وإمتثالا لأحكامه، فلا يكون تعظيمه بالحفظ في الأدراج والتعليق على الجدران، أو بالتلاوة التي لا تتعدى الحناجر واللسان. فلابد أن يكون للإنسان المسلم يوميا من القرآن وردان: الورد الأول والمهم هو تدبر بعض آى القرآن وإخضاع القلوب لها وتنفيذ ما جاء بها من أحكام أو دروس مستفادة، ولعل هذا الورد قد يكون يسيرا (رهطا من الآيات). أما الورد الثاني وهو الشائع بين المسلمين – وأحسبني منهم – فالغرض منه التعهد والإستظهار حتى لا يتفلت من القلوب. فنحن لا نريد جيلا من المسلمين تالين أو حفاظا للقرآن فحسب، بل نريد جيلا عالما بأحكامه، قائما بأوامره، منتهيا بنواهيه.
أما الوسيلة الثانية والتي أظنها منهج التعايش اللحظي مع هدي خير العباد، بنينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.. فنبيينا ص هو أسوتنا كما أمرنا الله بذلك ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا – الأحزاب (21)، ولا ينطق عن الهوى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى - النجم (3-5)، وهو خير ولد آدم الذي أدبه جل وعلا فأحسن تأديبه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ - القلم (4). لم يعرف تاريخ الإنسانية بشرا كتبت سيرته الذاتية بالتفصيل والدقة وبمنهجية علمية بحتة كما حظت سيرة نبينا الكريم محمد ص.. لقد كانت طريقة أعلام التابعيين في غربلة أحاديث سيدنا رسول الله ص - حسب المتن وعلم الجرح والتعديل، ثم قبول الثابت الصحيح ورد الضعيف والموضوع.. إن هذه الطريقة تعبتر أفضل وأدق طريقة علمية للتثبت من دقة المراجع في العلم الحديث.. فلذلك تعتبر سنن النبي الأمين وسيرته العطرة هي المنهج الأمثل للتعايش اليومي، راجعين إلى صحيح مسلم والبخاري وزاد المعاد في هدي خير العباد لإبن القيم.
المناقشة والخاتمة:
حيث أن لكل مشروع هدف، وتحقيق الهدف لابد له من خطة، فإن هدف هذه المخطوطة هو الوقوف مع النفس على هدف الحياة والسبيل لتحقيق ذلك الهدف، وهو عبادة الله مخلصين له الدين لنحظي بالفوز بجنات الخلد اللهم آمين.
إن إخلاص العبادة لله لا يتحقق إلا بالوقوف على كتاب الله وإخضاع القلب والجسد لآياته بالفهم الصحيح كما فهمه أصحاب رسول الله والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. وحيث أن إخلاص العبودية لله الواحد القهار يتكرر علينا مع كل صلاة مفروضة في الأذان والإقامة، كان لزاما على كل مسلم من تكرار هذا الإخضاع في كل ليل ونهار إن لم يكن في كل صلاة مكتوبة. أما تلاوة الورد اليومي للقرآن في هيئة جزء أو أكثر فله فوائد عديدة منها تعهد كتاب الله وربط القلب بحبل الله وتفسير آياته وبيان متشابهه.
وكما أن لكل رسول رسالة، ورسولنا الكريم بلغ الرسالة وأدى الأمانة، كما قال جل وعلا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - المائدة (3)، ورسولنا هو شفيعنا وقدونا الحسنة لأن ربه أدبه فأحسن تأديبه، لذلك ينبغي على كل من يريد كمال الهدي أن يحذو حذوه ويقتفي أثره، ويشعر بالفخر عند إحياء سنته وأداء شعائره لكي ينال شرف الإنتساب لدينه والقرب من جواره والسقيا من يده الشريفة شربة لا يظمأ بعدها أبدا.
عباد الله أوصي نفسي وإياكم بتقوي الله في أنفسكم في السر والعلن، وإستثمار أوقاتكم في السراء والمحن، والتعايش مع ذكر الله وهدي رسول الله، وحبس النفس عن الهوى فأجسادنا على النار لا تقوى، والإكثار من الطاعات والإقلال من المبيحات، وإتباع السيئة بالحسنة تمحوها، قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ، وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ - هود ( 114- 115).
المراجع:
1. كتاب الله (القرآن الكريم).
2. سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3. محاضرات دعوية للشيخ عائض القرني، والدكتور يحيى عزب.
اللهم إني كتبتها إبتغاء مرضاتك وعونا على طاعتك وعهدا للسير على درب حبيبك، اللهم طهرها من الرياء، واجعلها خالصة لوجهك الكريم، وشاهدا لنا لا علينا.. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.. وصلى اللهم على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله الطيبين، وعلى صحبه وسلم تسليما كثيرا.. .. ..

حررت في الجمعة الموافق غرة رجب 1429. ومن الله أرجو التوفيق والسداد
البداية:
(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ - الأنبياء
(30). الرتق (المتصل) عكس الفتق (المنفصل)، فالسماوات والأرض كانتا متصلة، ففتق الله السماء بالرجع (المطر – القطر الذي يرجع كل عام) وفتق سبحانه الأرض بالصدع (تشققت ليخرج منها النبات) رزقا للعباد، قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ، وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ – الطارق (11-12)، وقال تعالى (أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ - عبس (25-32).
أما القول أن السماء والأرض كانتا كتلة واحدة، وخلق الله الليل أولا ثم فتقهما فأخرج من الليل النهار، فهو مردود في هذا الموضوع بدليل ذكره سبحانه وتعالى في نهاية آية 30 الأنبياء: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ).
وإنشقاق السماء أو إنفطارها (وكذا إنشقاق القمر) من علامات القيامة الكبرى كما جاء في سور القمر، الإنشقاق، الإنفطار، الرحمن، و الحاقة: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)، (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)، (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)، (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)، (وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16).
وقد تتفطر السماء من هول شرك المشركين أو كفر الكافرين كما جاء في مريم، الشورى والمزمل: (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)، (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)، (السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18).

Wednesday, July 2, 2008

السبعة تحت ظل العرش

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق، اخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه. الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح. المحدث: البخاري. المصدر: الجامع الصحيح.
التعريف بالراوي: هو الصحابي الجليل، سيد الحفاظ الأثبات، أبو هريرة رضي الله عنه، اختلف في اسمه واسم أبيه على أقوال كثيرة، أرجحها أنه: عبد الرحمن بن صخر الدوسي، أسلم عام خيبر، أول سنة سبع. قال الذهبي: (حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه، لم يلحق في كثرته). ولم يرو أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر منه، لملازمته له، فقد بلغت مروياته 5374 حديثاً. روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل حديث أبي هريرة؟ وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وكنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا. وكان يشغل إخوتي من الأنصار عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكيناً من مساكين الصفة أعي حين ينسون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه: إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمع إليه ثوبه إلا وعى ما أقول، فبسطت نمرة علي، حتى إذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته جمعتها إلى صدري، فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء. توفي أبو هريرة رضي الله عنه سنة سبع وخمسين للهجرة.
المباحث اللغوية: سبعة: هذا العدد لا مفهوم له، فقد وردت روايات أخرى تبين أن هناك من يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، غير هؤلاء المذكورين في الحديث. يظلهم الله في ظله: المراد به: ظل العرش، كما في رواية أخرى: "في ظل عرشه ". يوم لا ظل إلا ظله: المراد: يوم القيامة. إمام عدل: الإمام لغة: هو كل من ائتم به من رئيس وغيره. واصطلاحاً: كل من وكل إليه نظر في شيء من مصالح المسلمين من الولاة والقضاة والوزراء وغيرهم والعدل، ضد الجور، والعادل من حكم بالحق. شاب نشأ في عبادة الله: خص الشاب بالذكر، لأنه مظنة غلبة الهوى والشهوة والطيش، فكان ملازمته للعبادة مع وجود الصوارف أرفع درجة من ملازمة غيره لها. اجتمعا عليه: أي: على الحب في الله، وتفرقا عليه كذلك، والمراد: أن الذي جمع بينهما المحبة في الله، ولم يقطعها عارض دنيوي، سواء اجتمعا حقيقة أم لا، فالرابط بينهما المحبة في الله حتى الموت.
ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال: دعته، أي: طلبته، ومنصب: المراد به: الأصل والشر والمكانة، ويدخل فيه الحسب، والمراد أنها دعته إلى الفاحشة.
ورجل تصدق بصدقة: الصدقة: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة، سواء كان فرض كالزكاة المفروضة، أو تطوعاً، ثم غلب استعمال الصدقة على صدقة التطوع.
فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه: المراد بذلك المبالغة في إخفاء الصدقة بحيث إن شماله قربها من يمينه لو تصور أنها تعلم لما علمت ما فعلت اليمين، لشدة الخفاء.خالياً: من الخلو، بحيث لا يكون عنده أحد، وإنما خص بالذكر لأنه في هذه الحالة أبعد عن الريا ففاضت عيناه: من الدموع، خشية لله عز وجل.

أدعية وقنوت

1. اللَّهُمَّ اشْرِحْ صُدُورَنا بِالقُرْآنِ. اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُبُورَنا بِالقُرْآنِ. اللَّهُمَّ آنِسْنا بِالقُرْآنِ فِي ظُلَمِ اللَّيالِي. اللَّهُمَّ اجْعَلْ القُرْآنَ شَافِعاً لَنا يا رَبَّ العَالَمِينَ. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ بِالقُرْآنِ ظَوَاهِرَنا. اللَّهُمَّ طَهِّرْ بِالقُرْآنِ بَواطِنَنا. اللَّهُمَّ امْحُ بِالقُرْآنِ سَيِّئاتِنا. اللَّهُمَّ اغْفِرْ بِالقُرْآنِ خَطَايانا. اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ الّذِينَ هُمْ أَهْلُكَ وَخَاصَّتُكَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ! اللَّهُمَّ وَسِّعْ بِالقُرْآنِ مَدَاخِلَنا. اللَّهُمَّ آنِسْ بِالقُرْآنِ وَحْشَتَنا فِي القُبُورِ، وَارْحَمْنا بِهِ يَوْمَ النُّشُورِ. اللَّهُمَّ ارْحَمْ ذُلَّنا بَيْنَ يَدَيْكَ يَوْمَ العَرْضِ عَلَيْكَ. اللَّهُمَّ ارْحَمْنا بِالقُرْآنِ الكَرِيمِ. اللَّهُمَّ ارْفَعْنا بِالقُرْآنِ الكَرِيمِ. اللَّهُمَّ زَكِّنا بِالقُرْآنِ الكَرِيمِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَافِعاً لَنا، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
2. اللَّهُمَّ أَنْقِذْ مُقَدَّسَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَبَثِ العابِثِينَ، وَعُدْوانِ الْمُعْتَدِينَ، اللَّهُمَّ أَنْقِذْ الْمَسْجِدَ الأَقْصَى مِنْ بَراثِنِ اليَهُودِ وَأَعْوانِهِمْ وَأَزْلاَمِهِمْ.. اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَامِخاً عَزَيزاً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. اللَّهُمَّ لاَ تُمَكِّنْ فِيهِ لأَعْدَائِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ! اللَّهُمَّ أَخْرِجْهُمْ مِنْهُ أَذِلَّةً صَاغِرِينَ. اللَّهُمَّ ارْزُقْنا فِيهِ صَلاَةً قَبْلَ الْمَمَاتِ، يا رَبَّ الأَرْضِ وَالسَّمَاواتِ! يا حَيُّ يا قَيُّومُ! اللَّهُمَّ انْصُرْ مَنْ نَصَرَ الدِّينَ، وَاخْذُل مَنَ خَذَلَ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ، وَكِتَابَكَ، وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، وعِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ. اللَّهُمَّ انْصُرْ إِخْوانَنا الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ يا رَبَّ العَالَمِينَ! اللَّهُمَّ ثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، وَوَحِّدْ صُفُوفَهُمْ، وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ، وَسَدِّدْ سِهَامَهُمْ، وَوَفِّقْهُمْ يا رَبَّ العَالَمِينَ، وَارْزُقْهُمْ اللَّهُمَّ النَّصْرَ الْمُبِينَ.
3. اَلْحَمْدُ للهِ الّذِي خَلَقَ فَسَوَّىَ، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَأَمَاتَ وَأَحْيا، وَأَضْحَكَ وَأَبْكَى، وَقَرَّبَ وَأَدْنَى، وَأَسْعَدَ وَأَشْقَى، وَمَنَعَ وَأَعْطَى. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ يُبْعِدُنِي عَنْ مَرْضَاتِكَ، أَو يَحْجِبُنِي عَنْ نَفَحَاتِكَ، أَو يَحْرِمُنِي مِنْ بَرَكَاتِكَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ارتَكَبْتُهُ فِي بَياضِ النَّهارِ أَوْ سَوادِ اللَّيْلِ، فِي مَلأٍ أَوْ خَلاَءٍ أَوْ سِرٍّ أَوْ عَلَنٍ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ فَرِيضَةٍ أَوْجَبْتَها عَلَيَّ فَتَرَكْتُها خَطأً أَوْ عَمْداً أَوْ نِسْياناً أَوْ جَهْلاً.. وَأَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَرَكْتُها غَفْلةً أَوْ سَهْواً أَوْ نِسْياناً أَوْ تَهَاوُناً أَوْ جَهْلاً. أَسْتَغْفِرُ اللهَ.. وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.. مِمّا يَكْرَهُ قَوْلاً وَفِعْلاً.. بَاطِناً وَظَاهِراً.
4. اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا فِي اخْتِبَارَاتِهِمْ وَأَنِرْ بِالعِلْمِ بَصَائِرَهُمْ وَعُقُولَهُمْ وَاكْتُبْ لَهُمْ النَّجَاحَ وَالفَلاَحَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَحَقِّقْ آمَالَهُمْ وَآمَالَنَا
فِيِهِمْ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَالِحَ الأَعْمَالِ وَاجْعَلهَا خَالِصةً لِوَجْهِكَ الكَرِيمِ.
5. سُبْحانَ فارِجِ الكُرُباتِ! سُبْحانَ مُغِيثِ اللَّهَفاتِ! سُبْحانَ قَاضِيَ الْحَاجَاتِ! سُبْحانَ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّماواتِ! سُبْحانَ مَنْ لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ! سُبْحانَ مَنْ يَتَوَفَّانا بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْنا بِالنَّهارِ! سُبْحانَ مَنْ سَجَدَتْ لِهَيْبَتِهِ الْجِباهُ! سُبْحانَ مَنْ سَبَّحَتْ بِحَمْدِهِ الأَفْوَاهُ! سُبْحانَ مَنْ تَنَـزَّهَ عَنْ الأَضْدادِ وَالأَنْدادِ وَالأَشْباهِ! سُبْحانَك إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ! سُبْحانَكَ كُلُّ أَمْرٍ عَلَيْكَ يَسِيرٌ! سُبْحانَك كُلُّ عَبْدٍ إِلَيْكَ فَقِيرٌ! سُبْحانَك اللَّهُمَّ ما أَرْحَمَكَ! سُبْحانَك اللَّهُمَّ ما أَعْظَمَكَ! سُبْحانَك اللَّهُمَّ ما أَكْرَمَكَ! سُبْحانَك اللَّهُمَّ ما أَحْلَمَكَ. اللَّهُمَّ بَلِّغْنا رَمَضَانَ وَأَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ عَلَى الوَجْهِ الّذِي يُرْضِيكَ عَنَّا اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَالِحَ الأَعْمَالِ وَاجْعَلهَا خَالِصةً لِوَجْهِكَ الكَرِيمِ.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ.