Saturday, July 5, 2008

مخطوطة ربانية

مخطوطة ربانية
دعوة لحياة مثالية بعد سن الأربعين لمن أراد الفوز بالجنة من المسلمين
الراجي عفو مولاه، العبد الفقير
محمد بن محمد صالح الحجار
أستاذ طب الأطفال وأمراض الوراثة، كلية الطب، جامعة المنصورة
المراسلة: أ.د. محمد الحجار - أستاذ طب الأطفال وأمراض الوراثة، كلية الطب، جامعة المنصورة – أرضي 0502211948 – 0502310661- محمول 0020111715350
m.alhaggar@yahoo.co.uk
الملخص:
الهدف: شرح شامل لكيفية التخطيط لحياة يومية إسلامية خاصة للشباب الذين ناهزوا أو إقتربوا من سن إكتمال الرجولة (الأربعين)، أملا في الفوز بالجنة والنجاة من النار.
الأدوات: تتلخص الأدوات في الكتاب والسنة عن طريق: 1. إخضاع القلب يوميا لذكر الله بتلاوة آياته’ وتدبر معانيها، وتطبيق أحكامها. 2. التعايش اللحظي مع سيرة أفضل الخلق من خلال دراسة حياته وسننه وأوامره ونواهيه مستنديين إلى صحاح الأحاديث وزاد المعاد في هدي خير العباد.
خاتمة: الإحساس التام بالرضا عن النفس التي أدبت لتعيش على الفطرة التي من أجلها خلق الله العباد (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون).

المقدمة:
إذا أراد الإنسان النجاح لأي مشروع ينوي تنفيذه فلابد أولا أن يحدد له الأهداف، وتحقيق هذه الأهداف تعتمد على الخطة الموضوعة من نقطة بداية معينة تمثل حالة الفرد عند بداية التخطيط. ثم يقوم الإنسان وبصورة منتظمة بتقييم ما تحقق أثناء سير الخطة، وإعادة جدولة المتبقي حسب الجدول الزمني الموضوع. فالمشروع المقدم في هذه المخطوطة عبارة عن برمجة حياة المسلم الذي ناهز أو إقترب من سن الأربعين في صورة جدول يومي أو لحظي ليحيا الحياة التي من أجلها خلق الله الكون، وهي عبادته سبحانه وتعالى، والتسبيح بحمده، وعمارة الأرض، ونقل العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. ونتيجة ذلك في الدنيا هي الرضا والسعادة، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ - النحل (97)، أما في الآخرة فإن النتيجة هي الفوز بالجنة والنجاة من النار.
الأدوات والطريقة:

كل إبن آدم خلق على الفطرة التي فطر الله الناس عليها وهي الفطرة السليمة التي تتسم بالإعتدال في السلوك وفي العادات والمعاملات، بل وحتى بعلاقة الإنسان بنفسه وبخالقه.. ومكمن هذه الفطرة هو القلب.. فحسب المناخ الذي ينشأ في الإنسان والثقافات التي يترعرع فيها تحدث التغيرات في هذه الفطرة، وبالتالي يكون التباين في السلوك والعادات والمعاملات.. ما نريده نحن المسلمون هو أن نعود بهذه الفطرة إلى محاجتها البيضاء كما وصفها الله جل وعلا في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وصفها الله سبحانه وتعالى إجمالا وتفصيلا في أكثر من مكان.. لذلك فإن أهم وسيلة تعيننا على تحقيق ذلك هو الإستعانة بكتاب الله (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ – الزمر (23).
ما نريد التأكيد عليه هو الإستعانة بالقرآن العظيم فهما واعيا، وتنفيدا لما جاء به، وتطبيقا لأوامره، وتعظيما وإمتثالا لأحكامه، فلا يكون تعظيمه بالحفظ في الأدراج والتعليق على الجدران، أو بالتلاوة التي لا تتعدى الحناجر واللسان. فلابد أن يكون للإنسان المسلم يوميا من القرآن وردان: الورد الأول والمهم هو تدبر بعض آى القرآن وإخضاع القلوب لها وتنفيذ ما جاء بها من أحكام أو دروس مستفادة، ولعل هذا الورد قد يكون يسيرا (رهطا من الآيات). أما الورد الثاني وهو الشائع بين المسلمين – وأحسبني منهم – فالغرض منه التعهد والإستظهار حتى لا يتفلت من القلوب. فنحن لا نريد جيلا من المسلمين تالين أو حفاظا للقرآن فحسب، بل نريد جيلا عالما بأحكامه، قائما بأوامره، منتهيا بنواهيه.
أما الوسيلة الثانية والتي أظنها منهج التعايش اللحظي مع هدي خير العباد، بنينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.. فنبيينا ص هو أسوتنا كما أمرنا الله بذلك ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا – الأحزاب (21)، ولا ينطق عن الهوى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى - النجم (3-5)، وهو خير ولد آدم الذي أدبه جل وعلا فأحسن تأديبه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ - القلم (4). لم يعرف تاريخ الإنسانية بشرا كتبت سيرته الذاتية بالتفصيل والدقة وبمنهجية علمية بحتة كما حظت سيرة نبينا الكريم محمد ص.. لقد كانت طريقة أعلام التابعيين في غربلة أحاديث سيدنا رسول الله ص - حسب المتن وعلم الجرح والتعديل، ثم قبول الثابت الصحيح ورد الضعيف والموضوع.. إن هذه الطريقة تعبتر أفضل وأدق طريقة علمية للتثبت من دقة المراجع في العلم الحديث.. فلذلك تعتبر سنن النبي الأمين وسيرته العطرة هي المنهج الأمثل للتعايش اليومي، راجعين إلى صحيح مسلم والبخاري وزاد المعاد في هدي خير العباد لإبن القيم.
المناقشة والخاتمة:
حيث أن لكل مشروع هدف، وتحقيق الهدف لابد له من خطة، فإن هدف هذه المخطوطة هو الوقوف مع النفس على هدف الحياة والسبيل لتحقيق ذلك الهدف، وهو عبادة الله مخلصين له الدين لنحظي بالفوز بجنات الخلد اللهم آمين.
إن إخلاص العبادة لله لا يتحقق إلا بالوقوف على كتاب الله وإخضاع القلب والجسد لآياته بالفهم الصحيح كما فهمه أصحاب رسول الله والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. وحيث أن إخلاص العبودية لله الواحد القهار يتكرر علينا مع كل صلاة مفروضة في الأذان والإقامة، كان لزاما على كل مسلم من تكرار هذا الإخضاع في كل ليل ونهار إن لم يكن في كل صلاة مكتوبة. أما تلاوة الورد اليومي للقرآن في هيئة جزء أو أكثر فله فوائد عديدة منها تعهد كتاب الله وربط القلب بحبل الله وتفسير آياته وبيان متشابهه.
وكما أن لكل رسول رسالة، ورسولنا الكريم بلغ الرسالة وأدى الأمانة، كما قال جل وعلا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - المائدة (3)، ورسولنا هو شفيعنا وقدونا الحسنة لأن ربه أدبه فأحسن تأديبه، لذلك ينبغي على كل من يريد كمال الهدي أن يحذو حذوه ويقتفي أثره، ويشعر بالفخر عند إحياء سنته وأداء شعائره لكي ينال شرف الإنتساب لدينه والقرب من جواره والسقيا من يده الشريفة شربة لا يظمأ بعدها أبدا.
عباد الله أوصي نفسي وإياكم بتقوي الله في أنفسكم في السر والعلن، وإستثمار أوقاتكم في السراء والمحن، والتعايش مع ذكر الله وهدي رسول الله، وحبس النفس عن الهوى فأجسادنا على النار لا تقوى، والإكثار من الطاعات والإقلال من المبيحات، وإتباع السيئة بالحسنة تمحوها، قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ، وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ - هود ( 114- 115).
المراجع:
1. كتاب الله (القرآن الكريم).
2. سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3. محاضرات دعوية للشيخ عائض القرني، والدكتور يحيى عزب.
اللهم إني كتبتها إبتغاء مرضاتك وعونا على طاعتك وعهدا للسير على درب حبيبك، اللهم طهرها من الرياء، واجعلها خالصة لوجهك الكريم، وشاهدا لنا لا علينا.. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.. وصلى اللهم على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله الطيبين، وعلى صحبه وسلم تسليما كثيرا.. .. ..

حررت في الجمعة الموافق غرة رجب 1429. ومن الله أرجو التوفيق والسداد
البداية:
(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ - الأنبياء
(30). الرتق (المتصل) عكس الفتق (المنفصل)، فالسماوات والأرض كانتا متصلة، ففتق الله السماء بالرجع (المطر – القطر الذي يرجع كل عام) وفتق سبحانه الأرض بالصدع (تشققت ليخرج منها النبات) رزقا للعباد، قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ، وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ – الطارق (11-12)، وقال تعالى (أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ - عبس (25-32).
أما القول أن السماء والأرض كانتا كتلة واحدة، وخلق الله الليل أولا ثم فتقهما فأخرج من الليل النهار، فهو مردود في هذا الموضوع بدليل ذكره سبحانه وتعالى في نهاية آية 30 الأنبياء: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ).
وإنشقاق السماء أو إنفطارها (وكذا إنشقاق القمر) من علامات القيامة الكبرى كما جاء في سور القمر، الإنشقاق، الإنفطار، الرحمن، و الحاقة: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)، (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)، (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)، (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)، (وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16).
وقد تتفطر السماء من هول شرك المشركين أو كفر الكافرين كما جاء في مريم، الشورى والمزمل: (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)، (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)، (السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18).

No comments: