Sunday, June 1, 2008

ما هو مذهبي ومذهب أبي؟

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين الذين ساروا على هديه واتبعوه مثل ظله، وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعـــــــــد
فهذه الرسالة القصيرة وددت كتابتها كحديث لنفسي التي حارت بين المذاهب والنحل والطرق الإسلامية المختلفة التي أسأل الله تعالى أن يجمعها جميعا علي طريق الفرقة الناجية من النار، اللهم آميـــــــــن. وفيها سأحاول دون إطناب أو تفصيل أوإسهاب ذكر ما شرح الله به صدري على أن يكون منهجي في الطريق القويم الذي رسمه الله عز وجل في كتابه وبينها رسوله الكريم ص في سنته الصحيحة التي إجتمع عليها أئمة المسلمين العدول. وفي السبيل لإختصار الأوقات وتفاديا للتيه في الطرقات سأوردها إن شاء الله العلي القدير في نقاط معدودات.
1. أخذ أصول الدين الثابتة من كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن كلام سيد المرسلين الذي هو وحي من رب العالمين لتبيان محكم التنزيل، والذي ورد في السنة الصحيحة التي أجمع عليها أئمة الأمة العدول. هذه النصوص (الكتاب والسنة) هي توقيفية بمعنى أنه لا يجوز تأويلها بغرض التحريف أو التغيير. ويجب التأكيد أنه إذا تعارض ظاهريا نص من القرآن مع آخر من السنة فالترجيح للأول. هذا هو منهج أهل السنة والجماعة.
2. إعمال العقل والتفكير والتدبر أمور واجبة ومنصوص عليها في القرآن العظيم وحض عليه الرسول الكريم ص، لا أن يكون العقل حكما على الكتاب والسنة ولكن شاهدا للتثبت واليقين من حجية هذا الدين. يشجع الدين الإسلامي الحنيف على البحث العلمي القويم جاعلا المرجعية الأصيلة للنقل (النص) من الكتاب والسنة، وقابلا للعقل إذا كان مؤيدا بالدليل البرهاني أو التجربة العملية أو إجماع الأئمة العدول. هذا هو منهج الأشعريين الشافعيين الذين ردوا على المعتزلة وأهل الفلسفة والمنطق والكلام من الإستخدام الغير محدود للعقل في البرهان للأولهية والدين، وهذا بالطبع لا يجوز في الأمور العقائدية ولكنه مسموح به في العلوم الدنيوية كالحساب، الطب والهندسة. وقد ضل من تبنى هذا المنهج كابن سينا والفارابي الذين تأثرا بالفلسفة اليونانية لحد الإعتقاد.
3. البعد كل البعد عن التكفير أو حتى تسفيه المخالفين من الطوائف الأخرى من المسلمين والنظر دائما إلى القواسم المشتركة بينهم، والدعاء لنا ولهم بالهداية إنه سبحانه هو القادر على ذلك. تبجيل كل علماء الأمة الإسلامية الذين لهم بصمة في هذا الدين والذين ساروا على هدي نبينا محمد ص سواءا الأحياء منهم أو الميتين مع العلم أنه كل ابن آدم يؤخذ منه ويرد سوى صاحب هذا القبر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. يجب عدم تعقب زلات العلماء أو البحث فيها أو تكرار الكلام عنها، بل حملها على النية الحسنة وإعتبارها اجتهاد خاطئ ولصاحبها أجر واحد، فما بالك إن كان مصيبا. هذا المبدأ أحرى بتطبيقه على أهل البيت الطاهرين وأصحاب النبي الميامين بدون شك، فهم أولى بذلك لما زكاهم الله في الكتاب والسنة المطهرة فهم إما مهاجرون أو أنصار ذبوا عن هذا الدين وشاركوا في نقله لنا نقيا بتكليف إلهي من رب العالمين، هذا فضلا عن أنهم الآن عنا غائبين ولا يجوز ذكرهم إلا بحسناتهم أو كما قال رسول الله ص.
4. الإحترام والحب الشديد لأهل البيت، محبة لرسول الله الأمين وسيد المرسلين، دون الإفراط أو التفريط، مع انكار عصمتهم أو امامتهم، فلا معصوم غير الرسول ص. نبذ كل الخلافات مع متبعيهم ودعوتهم للإيمان بمبادئنا خاصة المبدأ الثالث الذي يشجب أي كره أو عداء للصحابه أجمعين.
5. عدم البحث في نقاط الخلاف بين الصحابة من منطلق (ولا تقف ما ليس لك به علم). إن الإختلاف بينهم لم يكن عقائديا ولكن كان بسبب اختلاف في الإجتهاد، وهذا الإختلاف لم يكن إختلاف تضاد ولكن إختلاف تنوع، كما أنه لم يحدث بينهم إلا بعد وفاة الرسول ص، ومهما خاض بعضهم في الآخر فلم يكن إلا في حياة الآخر، فما من صحابي خاض في أخيه بعد وفاته - رضي الله عنهم أجمعين. أما المناظرة في أولوية أحدهم على الآخر فلا يفيد من الناحية العملية (إلا إن كان منصوصا عليه في الكتاب أوالسنة) لأنه يفتح أبوابا لاتسد من التشرزم والتأويل وتشعب الطوائف والنحل.
6. الدعوة السلمية لمنهجنا تبدأ بالإصلاح الداخلي أولا، مبتدأ من النفس والأسرة والعشيرة، أعظم الجهاد هو جهاد النفس وأفضل الإصلاح هو إصلاح ذات البين.
7. لا فضل لطائفة على أخرى ولا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
8. موقفنا من بعض نقاط إختلاف بين الفرق والطوائف الإسلامية، والتي لا يجب الخوض فيها كثيرا خاصة أمام العوام:-
* الأسماء والصفات: نعترف بها كما جاءت في القرآن وكما وصفها الله جل وعلا لذاته وبينها الرسول الأمين فيما أوحى إليه. فمثلا العين واليد والساق وصفها الحق جل وعلا لنفسه ونحن نؤمن بها ولكن دون تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تكييف.
* الإستواء على العرش: معلوم لكنه غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. ورد استعمال لفظة استوى في آيات عدة (استوت على الجودي – فلما بلغ أشده واستوى – فاستغلظ فاستوى على سوقه)، لا يقبل العقل السليم مقارنة هذه المعاني بالمعنى المجازي للإستواء على العرش من باب (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير – لم يكن له كفوا أحد - سبحان ربك رب العزة عما يصفون).
* أين الله: في السماء مستو على عرشه دون تفصيل أو تكييف، أما معيته وعلمه ورحمته وسائر صفاته فوسعت كل شئ، سبحانه.. سبحانه.. سبحانه.. ما أعظم شأنه.
* رؤية الله: جائزة عند جمهور العلماء أن تكون منامية (ليست عينية)، ولا نقول كيف أو متى أو لمن.
* التأويل: هناك التأويل الجائز مثل تأويل آية بأخري، أو حديث بآية، أو تأويل آية وحديث بحدث مشهور في السيرة أو في القصص. والتأويل اللغوي أيضا يجوز إذا كان متعارف عليه من لغة العرب المشهورة. أما التأويل الشاذ الذي ليس له سند من أي نوع أو التأويل بالمنطق السفسطي الذي أستحدث في عصر الفلسفة الإغريقية فهذا مرفوض لأنه غالبا ما يوقع في بحر تحريف التأويل، كما حدث من الفلاسفة المسلمين منجرفين وراء التيار العلماني في إثبات الذات الإلهية أو ما حدث في تفسير الشيعة الرافضة للكتاب الذي أدى إلى تحريف تأويل بعض آي القرآن من فرط حبهم ونصرتهم لآل البيت (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك – إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة – وغيرها كثير..).
اللهم أرنا الحق حقا واهدينا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا واهدينا إجتنابه، سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

No comments: