وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
ومَن تَكُن العلياء هِمّة نَفْسِه فَكُلّ الذي يَلقاه فيها مُحَـبَّب
من هان على نفسه، هان في أعين الناس، فالناس تَضَع الإنسان حيث يَضَع نَفْسَه. قال الجرجاني: أرى الناس مَن دَاناهم هَان عندهم ومَن أكْرَمَتْه عِزّة الـنَّفْسِ أُكْرِمَا.
ومَتى هانَتِ الـنَّفْس عند صاحِبها دَسّاها وحقّرها بِكل خُلُق مرذول! وصَغّرها بما يَشِينها وتَخَلّق بِكل خُلُق دنيء، ولا يَرْضى بِالدُّون إلا دنيء!. قال ابن القيم: فلو كانت النفس شَريفة كبيرة لم تَرْضَ بالدُّون. قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)، أي: أفْلَح مَن كَبّرها وكَثّرها ونَمّاها بِطَاعَةِ الله، وخَابَ مَن صَغّرها وحَقّرها بِمَعَاصِي الله، فالـنُّفُوس الشريفة لا تَرْضَى من الأشياء إلا بأعلاها وأفضلها، فلا تَرْضَى بالظُّلْم والفواحش والسرقة والخيانة، أما الـنُّفُوس الدنيئة تَحُوم حَول الدَّنَاءات وتَقَع على الأقْذَار، فَكُلّ نَفْسٍ تَمِيل إلى ما يُناسبها ويُشاكلها. اهـ.
ومما تَهُون بِه الـنَّفْس أن تَعتَاد خُلُق المنافِقين، أو تسْتَسِيغ أغمال المشركين، أو تسْتَحْسِن ما اسْتَقْبَحه أهل الجاهلية الأولى، كالـ "الْكَذِب" الذي عُيِّر بِه "مُسَيلِمة"، فالكَذِب خُلُق من أخلاق المنافِقين، "إذا حَدّث كَذَب" كما في الصحيحين. قال منصور الفقيه:
الصِّـدق أوْلَى مَا بِهِ دَانَ امرؤ فاجْعَلْه دِينا
وَدَعِ النّفاق فما رَأيْـ ـتُ مُنافِقًا إلاَّ مَهينا
فالكَذّاب يكذب مِن دناءة نَفْسِه.. قال محمد بن كعب القرظي: لا يَكْذِب الكَاذِب إلا مِن مَهَانَة نَفْسِه عليه. والكّذِب أبْغض الخُلُق إلى صاحِب الْخُلُق العظيم صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: ما كان خُلُق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن الكذب، فإن كان الرجل يَكذب عنده الكذبة فما يَزال في نفسه عليه حتى يَعلم أنه قد أحدث منها توبة. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا تَجِد المؤمن كَذّابا. وقال عمر أيضا: لا تَنْظُروا إلى صلاة أحَدٍ ولا إلى صيامه، ولكن انْظُرُوا إلى مَن إذا حَدّث صَدق، وإذا ائتمن أدَى، وإذا أشْفَى وَرِع. وقال علي رضي الله عنه: زِين الحديث الصِّدق. وقال أنس رضي الله عنه: إن الرجل ليُحْرَم قيام الليل وصيام النهار بالكِذبة يَكذبها. وقال عمر بن عبد العزيز: ما كَذَبْتُ منذ عَلِمْتُ أن الكَذِب يَضُرّ أهله. وقال الغازي بن قيس: ما كَذَبْتُ منذ احْتَلَمْتُ. وقال: والله ما كَذَبْتُ كِذبة قَطّ منذ اغتسلت.
وقد أوصى الخلفاء مُعلّمي أبنائهم بتعليمهم الصِّدْق. قال أسعد بن عبيد الله المخزومي : أمَرَني عبد الملك بن مروان أنْ أُعَلِّم بَنِيه الصِّدق كما أُعَلّمُهم القرآن. وقال مطر الوراق: خَصلتان إذا كانتا في عبدٍ كان سائر عمله تَبَعًا لهما: حُسْن الصلاة، وصِدْق الحديث. وقال الفضيل: لم يَتَزَيّن الناس بشيء أفضل مِن الصدق وطَلَب الحلال. وقال يوسف بن أسباط: يُرْزَق العبد بالصِّدْق ثلاث خِصال: الْحَلاوة والْمَلاحَة والْمَهَابة. قيل لِلُقْمان الحكيم: ما بَلَغَ بك ما نَرى؟ قال: صِدْق الحديث، وأداء الأمانة، وتَرْك ما لا يَعْنِيني.
وفي رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل الذي أتيت عليه يُشْرَشْر شِدْقه إلى قَفَاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه؛ فإنه الرجل يَغدو من بيته فيكذب الكِذبة تَبلغ الآفاق. رواه البخاري. قال ابن حبان: كل شيء يُسْتَعَار لِيُتَجَمّل به سَهْل وُجُوده ، خَلا اللسان ، فإنه لا يُنْبِئ إلاّ عَمّا عُوِّد، والصِّدق يُنْجِى، والكَذب يُرْدِي.
ومن أكثر الكذب لم يترك لنفسه شيئا يُصَدّق به، ولا يكذب إلا مَن هَانت عليه نَفسه. قال: وأنشدني الكريزي:
كَذَبْتَ ومَن يَكْذِب فإن جزاءه إذا ما أتى بالصدق أن لا يُصَدّقا
إذا عُرف الكذاب بالكذب لم يزل لدى الناس كذابا وإن كان صادقا
وقال ابن حبان :أنشدني الأبرش:
الكِذْبُ مُرديك، وإن لم تخف والصِّدْقُ منجيك على كل حال
فانطق بما شئت تجد غِبَّه لم تُبْتَخَسْ وَزنة مثقال
وإن من آفة الكذب أن يكون صاحبه نسيا، فإذا كان كذلك كان كالمنادي على نفسه بالْخِزْي في كل لحظة وطرفة. قال: وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي:
إذا ما المرء أخطأه ثلاث = فَبِعْه ولو بِكَفّ مِن رَماد
سلامة صدره والصدق منه = وكتمان السرائر في الفؤاد
وأبلغ قول في الصدق قول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. رواه البخاري ومسلم.
فاخْتَر لِنفسك مَنْزِلتها ومكانتها في الدنيا والآخرة..
منقول بتصرف للفائـــدة
ومَن تَكُن العلياء هِمّة نَفْسِه فَكُلّ الذي يَلقاه فيها مُحَـبَّب
من هان على نفسه، هان في أعين الناس، فالناس تَضَع الإنسان حيث يَضَع نَفْسَه. قال الجرجاني: أرى الناس مَن دَاناهم هَان عندهم ومَن أكْرَمَتْه عِزّة الـنَّفْسِ أُكْرِمَا.
ومَتى هانَتِ الـنَّفْس عند صاحِبها دَسّاها وحقّرها بِكل خُلُق مرذول! وصَغّرها بما يَشِينها وتَخَلّق بِكل خُلُق دنيء، ولا يَرْضى بِالدُّون إلا دنيء!. قال ابن القيم: فلو كانت النفس شَريفة كبيرة لم تَرْضَ بالدُّون. قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)، أي: أفْلَح مَن كَبّرها وكَثّرها ونَمّاها بِطَاعَةِ الله، وخَابَ مَن صَغّرها وحَقّرها بِمَعَاصِي الله، فالـنُّفُوس الشريفة لا تَرْضَى من الأشياء إلا بأعلاها وأفضلها، فلا تَرْضَى بالظُّلْم والفواحش والسرقة والخيانة، أما الـنُّفُوس الدنيئة تَحُوم حَول الدَّنَاءات وتَقَع على الأقْذَار، فَكُلّ نَفْسٍ تَمِيل إلى ما يُناسبها ويُشاكلها. اهـ.
ومما تَهُون بِه الـنَّفْس أن تَعتَاد خُلُق المنافِقين، أو تسْتَسِيغ أغمال المشركين، أو تسْتَحْسِن ما اسْتَقْبَحه أهل الجاهلية الأولى، كالـ "الْكَذِب" الذي عُيِّر بِه "مُسَيلِمة"، فالكَذِب خُلُق من أخلاق المنافِقين، "إذا حَدّث كَذَب" كما في الصحيحين. قال منصور الفقيه:
الصِّـدق أوْلَى مَا بِهِ دَانَ امرؤ فاجْعَلْه دِينا
وَدَعِ النّفاق فما رَأيْـ ـتُ مُنافِقًا إلاَّ مَهينا
فالكَذّاب يكذب مِن دناءة نَفْسِه.. قال محمد بن كعب القرظي: لا يَكْذِب الكَاذِب إلا مِن مَهَانَة نَفْسِه عليه. والكّذِب أبْغض الخُلُق إلى صاحِب الْخُلُق العظيم صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: ما كان خُلُق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن الكذب، فإن كان الرجل يَكذب عنده الكذبة فما يَزال في نفسه عليه حتى يَعلم أنه قد أحدث منها توبة. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا تَجِد المؤمن كَذّابا. وقال عمر أيضا: لا تَنْظُروا إلى صلاة أحَدٍ ولا إلى صيامه، ولكن انْظُرُوا إلى مَن إذا حَدّث صَدق، وإذا ائتمن أدَى، وإذا أشْفَى وَرِع. وقال علي رضي الله عنه: زِين الحديث الصِّدق. وقال أنس رضي الله عنه: إن الرجل ليُحْرَم قيام الليل وصيام النهار بالكِذبة يَكذبها. وقال عمر بن عبد العزيز: ما كَذَبْتُ منذ عَلِمْتُ أن الكَذِب يَضُرّ أهله. وقال الغازي بن قيس: ما كَذَبْتُ منذ احْتَلَمْتُ. وقال: والله ما كَذَبْتُ كِذبة قَطّ منذ اغتسلت.
وقد أوصى الخلفاء مُعلّمي أبنائهم بتعليمهم الصِّدْق. قال أسعد بن عبيد الله المخزومي : أمَرَني عبد الملك بن مروان أنْ أُعَلِّم بَنِيه الصِّدق كما أُعَلّمُهم القرآن. وقال مطر الوراق: خَصلتان إذا كانتا في عبدٍ كان سائر عمله تَبَعًا لهما: حُسْن الصلاة، وصِدْق الحديث. وقال الفضيل: لم يَتَزَيّن الناس بشيء أفضل مِن الصدق وطَلَب الحلال. وقال يوسف بن أسباط: يُرْزَق العبد بالصِّدْق ثلاث خِصال: الْحَلاوة والْمَلاحَة والْمَهَابة. قيل لِلُقْمان الحكيم: ما بَلَغَ بك ما نَرى؟ قال: صِدْق الحديث، وأداء الأمانة، وتَرْك ما لا يَعْنِيني.
وفي رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل الذي أتيت عليه يُشْرَشْر شِدْقه إلى قَفَاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه؛ فإنه الرجل يَغدو من بيته فيكذب الكِذبة تَبلغ الآفاق. رواه البخاري. قال ابن حبان: كل شيء يُسْتَعَار لِيُتَجَمّل به سَهْل وُجُوده ، خَلا اللسان ، فإنه لا يُنْبِئ إلاّ عَمّا عُوِّد، والصِّدق يُنْجِى، والكَذب يُرْدِي.
ومن أكثر الكذب لم يترك لنفسه شيئا يُصَدّق به، ولا يكذب إلا مَن هَانت عليه نَفسه. قال: وأنشدني الكريزي:
كَذَبْتَ ومَن يَكْذِب فإن جزاءه إذا ما أتى بالصدق أن لا يُصَدّقا
إذا عُرف الكذاب بالكذب لم يزل لدى الناس كذابا وإن كان صادقا
وقال ابن حبان :أنشدني الأبرش:
الكِذْبُ مُرديك، وإن لم تخف والصِّدْقُ منجيك على كل حال
فانطق بما شئت تجد غِبَّه لم تُبْتَخَسْ وَزنة مثقال
وإن من آفة الكذب أن يكون صاحبه نسيا، فإذا كان كذلك كان كالمنادي على نفسه بالْخِزْي في كل لحظة وطرفة. قال: وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي:
إذا ما المرء أخطأه ثلاث = فَبِعْه ولو بِكَفّ مِن رَماد
سلامة صدره والصدق منه = وكتمان السرائر في الفؤاد
وأبلغ قول في الصدق قول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. رواه البخاري ومسلم.
فاخْتَر لِنفسك مَنْزِلتها ومكانتها في الدنيا والآخرة..
منقول بتصرف للفائـــدة