Saturday, September 6, 2008

من أقوال صفوة الصحابة والتابعين

إلــــــهي... كــفــاني فـخـــراً أن تـكـــون لي ربــــــــاً
كـل شيء يـبـدأ صـغـيراً ثـم يكـبر إلا المصيـبة ، فـإنـها تـبـدأ كــبـيرة ثـم تـصـغــر
عـجـبـتُ مـمـن يـشـتـري المـمـالـيـك بـمـالـه ، كــيـف لا يـشـــتـري الأحــــــرار بـمـعــروفــه
حـمـل الصـدق كـحـمـل الجـبـال الـرواسي ، لا يـطـيـقـه إلا أصـحــاب الـعـزائـــم
لـئـن أطـلـب الـدنـيـا بـمـزمــار ، أحـب إلي مــن أن أطـلـبـهـــا بـالـديـــن
خِـــف الله عـلى قـــدر قــدرتـــه عـليــك ، واسـتـحي مـنـه عـلى قـدر قــربـه مـنـك
لا دار للمـرء بعد الموت يسكنها ، إلا التي كان قبل الموت يـبنيها
فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنها ، وإن بناها بـشـرٍ خاب بانيها
إتــّقِ الله أن يكون الله أهون النـاظريـن إليـك
إذا بـلغـك عن أخـيـك شـيـئـاً تـكـرهه فـالتـمس لـه العـذر ، فإن لم تجد له عذراً فقل في نفسك لعلّ لأخي عذراً لا أعلمه
من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجـر ، ومن لم يـرضَ جـرى عـلـيـه وحـبـــط عـمـلــه

الغضـب مثـل السـبـع إ،ذا أفـلتـه صاحـبه بـدأ بـأكـلـه
لـئـن يعضّ أحـدكـم على جمـرةٍ حتى تطفأ خيرٌ له من أن يقول لأمــرٍ قضــاه الله ليـت هــذا لـم يـكــن

Sunday, August 17, 2008

أمارات الساعة التي وقعت من زمن بعيد

1. بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاته: عن سهل بن سعد قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بإصبعيه هكذا الوسطى والتي تلي الإبهام وقال: بعثت أنا والساعة كهاتين).[1]. وعن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (اعدد بين يدي الساعة: موتي).[2].
2. انشقاق القمر: عن أنس أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين.[3]. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: (بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى إذ انفلق القمر فلقتين فكانت فلقة وراء الجبل وفلقة دونه فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اشهدوا}).[4] وقد ذكره الله تعالى في كتابه: (اقتربت الساعة وانشق القمر)، واتفق العلماء على أن القمر انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3. نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى).[5]. بصرى: هي مدينة حوران بالشام بينها وبين دمشق ثلاث مراحل، هذه الآية التي أخبر الصادق المصدوق بوقوعها قد وقعت على الصورة التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كان خروجها سنة 654 للهجرة النبوية. ومن الذين ذكروا أحداثها بالتفصيل العلامة ابن كثير طيب الله ثراه، في أحداث سنة 654 هـ في كتابه: (البداية والنهاية) وقد عاصرها العلامة الحافظ شهاب الدين أبو شامة المقدسي والإمام النووي شارح مسلم الذي يقول: (وقد خرجت في زماننا بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة وكانت ناراً عظيمة جداً من جنب المدين الشرقي وراء الحرة تواتر العلم بخروجها عند جميع الشام وسائر البلدان وأخبرني من حضرها من أهل المدينة[6]. وواضح من وصف المشاهدين لهذه النار أنها كانت بركاناً هائلاً، وقال أحد العلماء: سمعت رجلاً من الأعراب يخبر والدي ببصرى تلك الليلة أنهم رأوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت في أرض الحجاز وكان مما ذكره آخرون أنه كتب بـ (تيماء) على ضوءها الكتب، قال: وكنا في بيوتنا تلك الليلة وكأن في دار كل واحد منا سراج، ولم يكن لها حَرٌ ولَفْح على عظمها وإنما كانت آية من آيات الله عز وجل).
4. توقف الجزية والخراج: الجزية: هي التي يدفعها أهل الذمة في الدولة الإسلامية، الخراج: الذي يدفعه من يستغل الأراضي التي فتحت في الدولة الإسلامية. سبب توقفها: استيلاء الكفار على تلك الديار في بعض الأزمنة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (منعت العراق درهما وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعُدتم من حيث بدأتم، وعُدتم من حيث بدأتم، شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه). والقفيز، والمد، والإردب: مكاييل لأهل ذلك الزمان في تلك البلاد وبعضها ما يزال معروفاً الى أيامنا.
المراجع:
1. متفق عليه.
2. رواه البخاري.
3. رواه مسلم.
4. رواه مسلم.
5. رواه البخاري.
6. شرح مسلم 18/28.

ماذا تحب من الدنيا

جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم وسألهم،
مبتدأ بأبي بكر: ماذا تحب من الدنيا ؟ فقال أبو بكر ( رضي الله عنه) أحب من الدنيا ثلاث الجلوس بين يديك، والنظر اليك، وأنفاق مالي عليك..
وأنت يا عمر ؟ قال أحب ثلاث: أمر بالمعروف ولو كان سرا، ونهي عن المنكر ولو كان جهرا، وقول الحق ولو كان مرا..
وأنت يا عثمان؟ قال أحب ثلاث: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة باليل والناس نيام..
وأنت يا علي؟ قال أحب ثلاث: إكرام الضيف، الصوم بالصيف، وضرب العدو بالسيف..
ثم سأل أبا ذر الغفاري: وأنت يا أبا ذر: ماذا تحب في الدنيا؟ قال أبو ذر:أحب في الدنيا ثلاث: الجوع؛ المرض؛ والموت فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): ولم؟ فقال أبو ذر: أحب الجوع ليرق قلبي؛ وأحب المرض ليخف ذنبي؛ وأحب الموت لألقى ربي..
فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) حبب إلى من دنياكم ثلاث الطيب؛ والنساء؛ وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وحينئذ تنزل جبريل عليه السلام وأقرأهم السلام وقال: وانأ أحب من دنياكم ثلاث تبليغ الرسالة؛ وأداء الأمانة؛ وحب المساكين؛ ثم صعد إلى السماء وتنزل مرة أخرى؛
وقال: الله عز وجل يقرؤكم السلام ويقول: أنه يحب من دنياكم ثلاث لسانا ذاكرا؛ وقلبا خاشعا؛ وجسدا على البلاء صابرا..
منقول للأمانة.

Monday, July 21, 2008

كيفية تحصيل التقوى

1. ترك بعض المباحات خوفًا من الوقوع في المكروهات أو المحرمات: روى الترمذي وقال : حديث حسن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس). قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً). وقال الحسن رحمه الله: (ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام). وقال الثوري: (إنما سمّوا متقين لأنهم اتقوا ما لا يُتقى عادة أو ما لا يتقيه أكثر الناس).

فعمليًا: قد يكون وجودك في بعض الأماكن للتنزه أو التسوق مباحًا، لكن تترك فعله أحيانا حذرا من الوقوع في الخطأ. قد يكون لبسك لبعض الملابس مباحًأ، لكن تترك هذا امتثالا للسنة ولتحقيق ثمرة التقوى. فلبس الإسدال والخمار أو العباية والملحفة أو النقاب قد يكون لنيل منزلة التقوى..

2. المراقبة: ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما بعثه إلى اليمن فقال: (يا معاذ اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن).. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حديث (اتقِ الله حيثما كنت): ما أعلم وصية أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها قال تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}. فلابد من أعمال سر خبيئة بينك وبين الله لتنال منزلة التقوى.

3. التزام الدعاء بذلك: والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكّاه أنت وليها ومولاها). والنبي صلى الله عليه وسلم كان يسألها في دعائه فيقول: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)، وفي دعاء السفر يقول: (اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى). فهم لا يقترفون الكبائر ولا يصرون على الصغائر، وإذا وقعوا في ذنب سارعوا إلى التوبة: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.

4. العفو والصفح: قال تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى}. فالمتقون أهل سلامة الصدر، وهم يعفون عن الناس لأنهم يعامون ربًا عفوا يحب العفو فهم ربانيون.

5. تحري الصّدق في الأقوال والأعمال: قال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون}، الذي جاء بالصدق هو محمد صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به قيل هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه. {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}، هذا بيان أن المتقي يصدق، ولا يتلون، ولا يعرف الكذب في القول أو العمل.

6. تعظيم شعائر الله: قال تعالى: { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}. تعظيم الشعائر وهي: الصلاة على أول وقتها ، الصيام صيام جوارح وقلب لا طعام وشراب وشهوة فقط ، وسائر العبادات.. فيرزقهم الله التقوى.

7. العدل والإنصاف: قال تعالى: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم ٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}. فلا يعرفون الظلم، ولا تأخذهم في الله شفاعة شافع أو قرابة قريب، فلا يعرفون إلا العدل في كل شيء، لأنهم يتخلقون بصفة ربهم الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرمًا.

8. رفقة الصالحين أهل الصدق المتقين: قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}. فلابد من صحبة الخير والأخوة الإيمانية ليحقق الإنسان هذه المنزلة ويثبت عليه. فتعالوا بنا نتعاون على البر والتقوى ، قال تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى }. هلموا عباد الله ، فقد دنا الضيف الجليل ، ولم نُعد العُدة التي تليق بحسن ضيافته.

Saturday, July 19, 2008

الدين النصيحة

حديث نبوي شريف رواه مسلم عن تميم بن أوس الداري: الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامّتهم.

يندر الآن أن تكون النصيحة سمة لنا، ولكن الكلام هو سمتنا.
فالدين هو النصيحة.. فأين القائمون بها، والمتقبلون لها؟ من هم الذين ذكرهم الله تعالى في الأعراف (وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ).. إنهم الكفار والعياذ بالله..
لقد تعود الكثير عدم النصيحة وكانت النتيجة عدم القبول بالنصيحة..
ما هي أسباب عدم قبول النصح:
سببان في الناصح وسببان في المنصوح وخامس تفاعلي:
1. سوء أدب الناصح: مثل الصوت العالي أو الألفاظ التي لا تليق، أو النصح في غير مناسبة.
2. إعلان النصيحة: والنتيجة فضيحة المنصوح والواجب الإسرار وهو من أسرار القبول.
3. التكبر ولبس ثياب الغطرسة: إذا كان المنصوح متغطرسا فلا يكتفي بعدم الإستجابة، بل قد يؤذي الناصح باللفظ أو بالفعل ويتهمه بعدم الأدب.
4. المنصب الرفيع: لو كان المنصوح من الرؤساء الذي إعتاد التعظيم وعدم الاعتراض فكيف تطيعه نفسه قبول النصح!!!.
5. اعتقاد نقص الناصح قدراً أو علماً: وهذا من جهل المنصوح لأن الحق يقبل من كل من جاء به فالحق د رّ ة حتى لو حملها من ليس يعرف قيمتها.

Wednesday, July 9, 2008

إنتخاب القادة والمدربين في عمليات الإصلاح

تعتبر أهم مرحلة للإصلاح المجتمعي هو إنتخاب القادة والمدربين الذين سوف يقومون بهذه المهمة على القاعدة العريضة من المجتمع لجعل هذه المهمة ككتلة واحدة تنجز عملا شاقا في وقت قياسي، ولكن من أين يتم هذا الإنتخاب؟ هل يتم من مجتمع آخر؟ هل يتم معتمدا على معايير ثابتة لخدمة هذه القضية، بإختيار أهل الخبرة وسابق المعرفة؟ ومن يقوم بعملية الإختيار: هل له سابق معرفة بهذه المهمة؟ هل يقوم بهذه المهمة مجردا من كل هوى؟. أسئلة كثيرة ومحيرة تتبادر لذهني كلما نظرت في إجتماع أو إجتماع منبثق من آخر، في جميع هيئات المجتمع بل في جميع مصالحه خاصة الحكومية منها.. وربما تراءت هذه المسائل لي أيضا في كل دورات تنظم حاليا حتى ولو كان ظاهرها حميدا كرفع جودة الأداء أو تنمية الموارد البشرية.

ليس من السهل اليسير على رب الأسرة أن يقوم بإعادة صياغة بعض عادات شريكه، ولكن قد يأخذ ذلك وقتا طويلا معتمدا ذلك على نوعية هذه العادة، ومدة ممارسته لها، ومدى إرتباطه الوجداني والثقافي بها، وبالرغم من ذلك فنجاح عملية التغيير هذه غالبا ما تكون نابعة من قدر الإنسجام بين الشريكين. أما تشكيل شخصية الأبناء فهو الشئ المحصلي الذي يكون نتيجة لأوامر ونواهي يفرضها البيت والشارع والمدرسة على هذا الناشئ الصغير. فإذا أراد الأب أن يوكل عملية الإعداد والتربية لآخر، فلابد أن يكون أولا نموذجا للأخلاقيات المبتغاة ليختار من هو أكثر الأبناء أو الأقارب الملم إلماما تطبيقيا بهذه الأخلاقيات، فيرشح من هو أهل لها، مع ضرورة متابعة هذه العملية ولو من وقت لآخر، وأيضا إعطاء الثقة والدوافع الإيجابية للمدرب والمتدربين – على الأقل - يوميا، بل وربما لحظيا. أما أن يكون هذا المربي صورة خاوية لا تعلم من هذه الأخلاقيات سوى الإسم، أو يكون بضاعته الكلام والشعارات الرنانة، أو لا يرى من ذويه إلا من هو قريب منه، أو يقيس هذه الأخلاقيات بمعايير أسيرة الهوى والمعرفة الشخصية دون الإستناد للثوابت الراسخة!!! فهنا يكمن الخطر.

ولنا من محكم التنزيل الهدي والرشاد: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ – البقرة (44)، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا – الأحزاب (21)، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ – آل عمران (159)، وفي التراث يقولون (فاقد الشئ لا يعطيه).

وبهذا النموذج كان لابد لكل فرد واعي - لا سيما من النخبة المثقفة – أن يشغل نفسه جيدا بالإصلاح الذاتي لنفسه، ويعرضها دائما على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويحرص تمام الحرص على التعاطي لهذا الإصلاح بصورة تطبيقية، بل ويتبناها وجدانيا كما ولو كانت شعيرة تعبدية يبغى بها وجه الله تعالى آملا رضاه والفوز برضوانه.. اللهم آمين. هذا الفرد الصالح يشكل الدعامة الأساسية للمجتمع الصالح، فلو وكل لهذا الفرد الصالح إختيار القادة لاختار بمعايير صادقة، واختار من هم أهل الخبرة لا أهل الثقة، لأنه خبر الخبرة وعلمها، وعلم أن الظن لا يغني من الحق شيئا، بل وعلم أولا أن إتباع الهوى يضل عن الحق وعن سبيل الله، فهو يختار على هذا الأساس، ولا يحابي قريبا، ولا يهاب بعيدا، ولا يخاف في الله لومة لائم. ولعل أصدق خلق الله رسولنا الكريم ص عندما قال (ابدأ بنفسك ومن تعول)، قد وضع أقوى دعامة على وجه الخليقة لإرساء الإصلاح في أوضع المجتمعات.. ورضي الله عن صاحب المقولة الخالدة (ابدأ بنفسك ثم ادع غيرك). وقد أدى رسولنا العظيم الأمانة كاملة ونصح للأمة ونقل العرب من مذبلة التاريخ وأهلهم لقيادة العالم عن جدارة وإقتدار، بعد أن كانوا حثالة أصبحوا نماذج إنسانية مشرفة لكل من له قلب واع، أو ألقى السمع وهو شهيد، لا أقول أن هذا التحول شمل القادة فقط.. بل شمل كل المجتمع حكاما ومحكومين، فمنهم ولي عليهم، وكما تكونوا يولى عليكم.

عباد الله.. اتقوا الله وقولوا قولا سديدا،
واعملوا ما تقولوا، وإذا علمتم ثم عملتم فهنالك فقط قولوا للناس حسنا (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ – الصف (3)، ولا تنسوا أن تكتبوا ما تقولوا وتقولوا ما كتبتم، وأصلحوا ذات بينكم، وإياكم من ضياع الوقت فيما لا يفيد، أو التمسح في المناصب والكراسي التي لا تفيد، واعلموا أن الله هو الضار والنافع.. ولنا في حديث رسول الله خير الهدي (يا بني احفظ الله يحفظك.... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن تنفعك.... أو تضرك.... الحديث).

هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وما كان فيها من خطأ أو نسيان فمني والشيطان....
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الخاتم وعلى آله الطيبين الغر الميامين، وصحبه وسلم تسليما كثيرا....

Saturday, July 5, 2008

علو الهمة في الذكر وتلاوة القرآن

الذكر زيّن الله به ألسنة الذاكرين.. كما زيّن بالنور أبصار الناظرين. قال الحسن البصري - رحمه الله- تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وقراءة القرآن. قال ذو النون - رحمه الله - ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنة إلا برؤيته. الذكر يجمع على العبد ما تفرق من همته وعزيمته.. ويفرق ما اجتمع عليه من الهم والغم والذنوب والخطايا.. ويقرّب إليه الآخرة.. فلا يزال المرء يلهج بالذكر حتى كأنه حضرها.
قيل لبعضهم: إذا قرأت القرآن هل تحدّث نفسك بشيء؟ فقال: أو شيء أحب إلي من القرآن حتى أحدّث به نفسي. قيل لذي النون: ما الأنس؟ قال: العلم والقرآن. قال محمد بن واسع: القرآن بستان العارفين فأينما حلّوا منه حلّوا في رياض نضرة. قال بعض العلماء: هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا عز وجل، نتدبرها في الصلوات، ونقف عليها في الخلوات، وننفذّها في الطاعات. كان مالك بن دينار يقول: يا حملة القرآن، إن القرآن ربيع قلب المؤمن، كما أن الغيث ربيع الأرض. قال وهيب بن الورد: رحم الله أقواما كانوا إذا مرّوا بآية فيها ذكر للنار فكأنّ زفيرها في آذانهم.
تلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيها اللسان والعقل والقلب؛ فاللسان يصحّح الحروف، والعقل يفسر المعاني، والقلب يتعظ وينزجر ويتأثر. فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ. قال عثمان بن عفان: لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم. قال ثابت البناني: كابدت القرآن عشرين سنة، وتنعمت به عشرين سنة. قال مالك بن دينار: ما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله. قال أبي المهلب: كان أبيّ بن كعب يختم القرآن في ثمان.
قال ابن مسعود: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون. عن إبراهيم قال: كان الأسود النخعي يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال. قال أبو إسحاق إن أبا عبد الرحمن السلمي كان يُقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة. وقال أبو عبدالرحمن السلمي: أقبلت على زيد بن ثابت فقرأت عليه القرآن ثلاث عشرة سنة.
لله در أهل القرآن: كم أنسُوا بكتاب ربهم، وعلموه غيرهم. قال سلام بن أبي مطيع: كان قتادة بن دعامة يختم القرآن في سبع، فإذا جاء رمضان ختم كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة. قال الأوزاعي: كان حسان بن عطية إذا صلى العصر يذكر الله تعالى في المسجد حتى تغيب الشمس. قال الأعمش: كان يحيى من أحسن الناس قراءة، وكان إذا قرأ لم تحس في المسجد حركة، كأن ليس في المسجد أحد. عن ابن فضيل عن أبيه قال: كان أبو إسحاق السّبيعي يقرأ القرآن في كل ثلاث.
قال الإمام النووي عن محمد بن عبد الله الأودي: متفق على إمامته وورعه وعبادته.. قال لابنته حين بكت عند حضور موته: لا تبكي، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة.
قال حسين الكرابيسي: بتّ مع الشافعي ليلة فكان يصلي نحو ثلث الليل وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله، ولا بآية عذاب إلا تعوّذ، وكأنما جمع له الرجاء والرهبة جميعاً. يقول عبد الله بن أحمد عن أبيه الإمام أحمد بن حنبل: كان يقرأ القرآن كل يوم سبعا، يختم ذلك في كل سبعة أيام. قال الجنيد - رحمه الله - العبادة على العارفين أحسن من التيجان على رؤوس الملوك.
قال زكريا بن دلوية: كان أحمد بن محمد القطان إذا جلس بين يدي الحجام ليحفي شاربه، يسبح، فيقول له الحجام: اسكت ساعة.. فيقول: اعمل أنت عملك.
قال محمد بن يحيى: مرّ أحمد بن حرب بصبيان يلعبون فقال أحدهم: أمسكوا فإن هذا أحمد الذي لا ينام الليل. فقبض على لحيته وقال: الصبيان يهابونك وأنت تنام؟ فأحيا الليل بعد ذلك حتى مات. قال الحافظ عمر البزار عن شيخ الإسلام ابن تيمية: وكان قد عُرفت عادته: لا يكلمه أحد بغير ضرورة بعد صلاة الفجر، فلا يزال في ذكر الله.. هكذا دأبه حتى ترتفع الشمس.
قال فتح الموصلي – رحمه الله- المحبّ لا يجد مع حب الله للدنيا لذة، ولا يفتر عن ذكر الله طرفة عين.
إذا نسي الناس العهود وأغفلوا.. فعهدك في قلبي وذكرك في فمي
عالي الهمة.. ينظر إلى عظم أجر الذكر فيداوم عليه. من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا، فليستوطن مجالس الذكر، فإنها رياض الجنة.. ليس العجب من قوله ( فاذكروني) إنما العجب من قوله أذكركم، (فاذكروني) بالتذلل (أذكركم) بالتفضّل، (فاذكروني) بالرهبة (أذكركم) بتحقيق الرغبة، (فاذكروني) بالتعظبم (أذكركم) بالتكريم، (فاذكروني) بترك الأخطاء (أذكركم) بأنواع العطاء.. فيا نجيب القلب أسرع إلى نيل الدرجات.